للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حصول الموت، ولأن الموت يعقبها فكأنها أتت به. ويجوز أن يكون المعنى: جاءت ومعها الموت. وقيل {الْحَقُّ *} هو الله، وأضيفت إلى الله؛ تعظيما لشأنها وتهويلا.

وقوله: {ذلِكَ} الخطاب للإنسان ملتفتا عن قوله: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ} وما بينهما اعتراض. وقيل: هو خطاب للكافر، والإشارة إلى الحق. وسئل زيد بن أسلم عن قوله:

{ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ؟} فقال: هو خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك صالح بن كيسان فأنكره، فبلغ ذلك الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس فقال: أخالفهما؛ هو لكل بر وفاجر (١).

{ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} أي: ذلك يوم إنجاز الوعيد (٢٧٢ /ب) والإشارة إلى مصدر" ونفخ " {سائِقٌ وَشَهِيدٌ} ملكان أحدهما يسوقها إلى المحشر والآخر يشهد عليه بعمله. وقيل: هو ملك واحد يسوق ويشهد، ومحل {مَعَها سائِقٌ} النصب على الحال من {كُلُّ نَفْسٍ}.

{لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ} وقرئ:" لقد كنت "بكسر التاء، و" عنك عطاءك فبصرك " بكسر الكاف (٢) شبه حاله بشيء قد غطى عليه تغطية موثقة؛ فصار لا يبصر شيئا، ثم كشف عنه ذلك الغطاء؛ فصار بصره حديدا.

{وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ (٢٣) أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفّارٍ عَنِيدٍ (٢٤) مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (٢٥) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ (٢٦) قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ (٢٧) قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (٢٨)}

{قَرِينُهُ} شيطانه؛ كقوله: {نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (٣) ويشهد له قوله: {قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ} {وَقالَ قَرِينُهُ} قال الشيطان وهو مقرون معه في السلسلة: هذا الشخص الذي لدي قد أعتدته (٤) وهيأته لدخول جهنم بإغوائي. {هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ} يجوز أن تكون {ما}


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٨٦) وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (٤/ ٢٢٥):" فالصحيح أن المخاطب بذلك الإنسان من حيث هو. وقيل: الكافر، وقيل غير ذلك ".
(٢) قرأ بذلك الجحدري وطلحة بن مصرف. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٧٨)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٧٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٢٢).
(٣) سورة الزخرف، الآية (٣٨).
(٤) أي: جهزّته وحضّرته. عتيد: مهيأ حاضر. المعجم الوسيط/عتد.

<<  <  ج: ص:  >  >>