للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)}

قوله: {لِكُلِّ أَوّابٍ} بدل من قوله: {لِلْمُتَّقِينَ} بتكرير الجار، و {هذا} إشارة إلى الثواب أو إلى مصدر {أُزْلِفَتِ} {مَنْ خَشِيَ} بدل بعد بدل تابع ل‍ {لِكُلِّ} ويجوز (٢٧٣ /ب) أن يكون بدلا غير موصوف {أَوّابٍ} و {حَفِيظٍ} ولا يجوز أن يكون في حكم {أَوّابٍ} و {حَفِيظٍ} لأن" من "لا يوصف به ولا يوصف من بين الموصولات إلا بالذي وحده، ويجوز أن يكون مبتدأ خبره {اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} لأن" من "في معنى الجمع، ويجوز أن يكون منادى كقولهم: من لا يزال محسنا أحسن، وحذف حرف النداء للتقريب. {بِالْغَيْبِ} مضى في أول البقرة (١).

{اُدْخُلُوها بِسَلامٍ} أي: سالمين من العذاب، أو مسلما عليكم من الله وملائكته. {يَوْمُ الْخُلُودِ} يوم تقدير الخلود؛ كقوله: {فَادْخُلُوها خالِدِينَ} أي: مقدرين الخلود. {وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} وهو ما لم تبلغه آمالهم ولم يخطر ببالهم حتى يشاءوه. وروي أن السحابة تمر بأهل الجنة فتمطرهم الحور العين فيقولون: نحن المزيد الذين قال الله عز وجل فيه: {وَلَدَيْنا مَزِيدٌ} (٢).

التنقيب: التنقير عن الأمر والبحث والطلب؛ قال الشاعر [من الخفيف]:

نقّبوا في البلاد من حذر المو ... ت وجالوا في الأرض كلّ مجال (٣)

ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله: {هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً} أي: شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب، وقرئ:" فنقبوا "بالتخفيف وكسر القاف (٤) أي: نقبت أخفاف إبلهم من كثرة أسفارهم، ورأوا في آثار المهلكين ما يكفي للاعتبار. {هَلْ مِنْ مَحِيصٍ} هل من مخلص من


(١) عند تفسير الآية (٣).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٣٩٠).
(٣) البيت لعدي بن زيد، أو للحارث بن حلزة، ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨١)، الدر المنثور للسيوطي (٧/ ٦٠٨)، صفة الصفوة لابن الجوزي (٤/ ٢٥٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٣٩٠).
(٤) قرأ بها أبو العالية ويحيى بن يعمر. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٢٩)، تفسير القرطبي (١٧/ ٢٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨١)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٨٠)، الكشاف للزمخشري (٤/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>