للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ} لأن الليل وقت السبات والراحة وكانوا يحيون الليل بالأعمال الصالحة؛ فإذا جاء السحر استغفروا كأنهم مذنبين، وقوله: {هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} أي: هم أحقاء بالاستغفار الصادر عن صحة النية، وكأنهم المختصون به لاستدامتهم له، وقال قائل في: {ما يَهْجَعُونَ} ما: نافية، ومعناه: لا ينامون قليلا ولا كثيرا، وهو غلط؛ لأن ما بعد" ما "لا يعمل فيما قبلها؛ تقول: زيدا لم أضرب، ولا تقول: زيدا ما ضربت. السائل: هو المصرح بالسؤال، والمحروم: الذي يحسب لتعففه غنيا، فيحرم الصدقة لتعففه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم:" ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، قالوا: فمن هو؟ قال: الذي لا يجد ولا يفطن له فيتصدق عليه " (١).

وقيل: المحارف الذي لا يهتدي للتجارة.

{وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ} دالة على قدرة الله تعالى ورحمته حيث هي مدحوّة كالبساط لما فوقها؛ كما قال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} (٢) وفيها المسالك والفجاج لمن يتقلب فيها وهي مجزأة من سهل وجبل وبر وبحر وقطع متجاورات من صلبة ورخوة، وهي الطروقة تلقح بألوان النبات والثمر المختلفة الألوان والطعوم والروائح {يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ} الآية (٣) وما فيها من العيون المفجرة، والمعادن المختلفة والدواب (٢٧٥ /ب) المنبثة في برها وبحرها.

{لِلْمُوقِنِينَ} الموحدين، فهم ناظرون بعين الاعتبار؛ كلما أرادوا آية عرفوا وجه تأملها فازدادوا إيمانا مع إيمانهم، وفي بواطنها وظواهرها من عجائب الفطر وبدائع الخلق ما تتحير فيه الأذهان، وحسبك بالقلوب وما ركب فيها من العقول وحفت به وبالألسن، وبالنطق، ومخارج الحروف، والأسماع، والأبصار، والأطراف، وسائر الجوارح وتأتيها لما خلقت له، وما سوّي في الأعضاء من المفاصل للانعطاف والتثني؛ فإنه لو يبس واحد منها لعجزوا، وإذا استرخى أناخ الذل فبان أنه أحسن الخالقين.

{وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ (٢٢) فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ (٢٣) هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ (٢٤)}


(١) رواه مسلم رقم (٢٣٩١)، وأبو داود رقم (١٦٣١) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) سورة طه، الآية (٥٣).
(٣) سورة الرعد، الآية (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>