للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ} يعني المطر؛ لأنه سبب الأقوات. وعن سعيد بن جبير: هو الثلج (١).

وعن الحسن: أنه كان إذا رأى السحاب قال فيه: والله رزقكم، ولكنكم تحرمونه بخطاياكم (٢). {وَما تُوعَدُونَ} هي الجنة؛ لأنها فوق السماء السابعة وتحت العرش، أو أراد أن الأرزاق في السماء والأرض إنما هي بأمر الله وتقديره.

{مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} من فتحه فبالإضافة إلى غير متمكن، ومن ضمه فهو نعت ل‍ " حق " (٣) وهو كقول الناس: إنه حق مثل ما أنك ترى وتسمع، والضمير في {إِنَّهُ} يرجع إلى الآيات المذكورة والرزق. وعن بعض العرب أنه سمع قارئا يقرأ: {وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ} فنحر ناقته وفرقها على الفقراء، ثم لقيه ذلك القارئ فقال: هل معك من ذلك الذي تلوته شيء؟ فقال: نعم، وتلا عليه الآية: {فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} فصاح وقال: من أغضب الكريم حتى فعل؟! ثم صرخ صرخة فخرجت فيها روحه، رحمة الله عليه (٤).

{هَلْ أَتاكَ} تفخيم للحديث وتنبيه على أنه ليس من جهة ما يأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما هو بلاغ من الله ورسالاته. والضيف: يقع للواحد والجمع. وقيل: كانوا اثني عشر ملكا وقيل: تسعة عاشرهم جبريل. وقيل: ثلاثة جبريل وميكائيل وملك معهما، وجعلهم ضيفا لأنهم كانوا في صورة الضيف، وإكرامهم أن إبراهيم خدمهم بنفسه وأخدمهم زوجته وعجل لهم القرى، أو سماهم مكرمين لأنهم كرام على الله {وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ} (٥).

{إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (٢٥) فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦) فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قالَ أَلا تَأْكُلُونَ (٢٧) فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ (٢٨)}


(١) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/ ٢٠٥).
(٢) رواه الطبري في تفسيره (٢٦/ ٢٠٥)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (١/ ٤٠١) لأبي الشيخ عن الحسن رحمه الله.
(٣) قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم بالرفع" مثل "وقرأ الباقون بالنصب" مثل".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٣٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ١٨٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٠٨)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٠٠).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٠٠).
(٥) سورة الأنبياء، الآية (٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>