للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تذبح عندها، و "مناءة" مأخوذة من النوء، وكانوا يستمطرون بها الأنواء و {الْأُخْرى} ذم، وهي المتأخرة؛ كقوله: {قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ} (١) أي: وضعاؤهم لأشرافهم، ويجوز أن تكون الأولية والتقدم عندهم للات والعزى.

{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى (٢١) تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢) إِنْ هِيَ إِلاّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣) أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنّى (٢٤) فَلِلّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦) إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧) وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨)}

وكانوا يقولون: إن الملائكة وهذه الأصنام بنات الله، وكانوا يعبدونها ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله مع وأدهم البنات؛ فقيل لهم: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى} ويجوز أن يراد أن اللات والعزى ومناة إناث، وقد جعلتموهن لله شركاء، ومن شأنكم أن تحتقروا الإناث وتستنكفوا من أن يولدن لكم وينسبن إليكم؛ فكيف تجعلون هؤلاء الإناث لله أندادا، وتسمونهن آلهة؟! {قِسْمَةٌ ضِيزى} جائرة من ضازه يضيزه، إذا ضامه، والأصل: ضوزي؛ ففعل بها ما فعل ب‍ "بئس" لتسلم الياء وقرئ: "ضئزى" من ضأزه بالهمزة، "ضيزى" (٢) بفتح الضاد.

{هِيَ} ضمير الأصنام؛ أي: ما هي إلا أسماء ليس تحتها على الحقيقة مسميات؛ لأنكم تدعون الإلهية لما هو أبعد شيء منها وأشد منافاة، ونحوه قوله تعالى: {ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاّ أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها} (٣) أو ضمير الأسماء، وهي قولهم: اللات والعزى ومناة.

{مِنْ سُلْطانٍ} من حجة وبرهان. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ} في دعوى إلهيتها {إِلاَّ الظَّنَّ} إلا التوهم أن ما هم عليه حق (٢٨٠ /ب) وكانوا إذا هووا صنما عبدوه؛ فإذا أحبوا غيره تركوا


(١) سورة الأعراف، الآية (٣٨).
(٢) قرأ ابن كثير "ضئزى"، وقرأ الباقون "ضيزى" وقرأ زيد بن علي "ضيزى". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٦٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٣٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٠٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦١٥)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٥).
(٣) سورة يوسف، الآية (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>