للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوابان: أحدهما: أن سعي غيره لم ينفعه إلا مبنيا على سعي نفسه، وهو أن يكون صالحا، ولكن إذا نواه به حصل له، والوكيل قائم مقام الموتى.

{ثُمَّ يُجْزاهُ} ثم يجزى سعيه؛ يقال: جزاه الله عمله، وجزاه على عمله، ويجوز أن يكون الضمير للجزاء لوصفه بالجزاء الأوفى، أو لبدله عنه. {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} قرئ بالفتح على معنى أن هذا كله في الصحف، وبالكسر على الابتداء (١) وكذلك ما بعده.

و {الْمُنْتَهى} بمعنى النهاية، أي: ينتهي إليه الخلق. ويرجعون إليه؛ كقوله: {وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ} (٢) {أَضْحَكَ} أهل الجنّة في الجنة {وَأَبْكى} أهل النار في النار.

وقيل: خلق الضحك والبكاء. {إِذا تُمْنى} أي: تراق في الرحم؛ يقال: مني وأمنى. وقيل:

يخلق من مني الماني، أي: قدر المقدر. {وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ} التزمها بوعده.

{وَأَقْنى} (٢٨١ /ب) أعطى القنية وهو المال الذي تأثلته وعزمت ألا تخرجه من يدك {الشِّعْرى} اثنتان: الغميصاء والعبور، وأراد العبور، وكانت العرب تعبدها، زين لهم ذلك أبو كبشة؛ رجل من أشرافهم، وكانت قريش يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ابن أبي كبشة.

تشبيها له به؛ لمخالفته إياهم في دينهم؛ يريد: أنه رب معبودهم.

{وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى (٥٠) وَثَمُودَ فَما أَبْقى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى (٥٣) فَغَشّاها ما غَشّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى (٥٥) هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)}

{عاداً الْأُولى} قوم هود، وعاد الأخرى: إرم. وقيل: {الْأُولى} بمعنى القدماء؛ لأنهم أول الأمم هلاكا بعد قوم نوح، أو لأنهم المتقدمون في الدنيا الأشراف. {إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى} لأنهم كانوا يضربون نبيهم ويؤذونه حتى لا يبقى فيه حراك، وينفرون الناس عنه حتى كانوا يحذرون صبيانهم منه، وما أثر دعاؤه فيهم قريبا من ألف سنة. {وَالْمُؤْتَفِكَةَ}


(١) العامة على الفتح "وأن" وقرأ أبو السمأل بالكسر "وإن".
تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٦٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢١٤)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٢)، معاني القرآن للفراء (٣/ ١٠١).
(٢) سورة آل عمران، الآية (٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>