للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قرى قوم لوط. {أَهْوى} أسقطها من العلو {فَغَشّاها ما غَشّى} أمر عظيم لا يدرك قدره {فَبِأَيِّ آلاءِ} فبأي نعم {رَبِّكَ تَتَمارى} أي: تشك؛ عدد الله سبحانه نعما ونقما، وسماها آلاء؛ لأن كل واحدة منها حث على الطاعة وتنفير من المعصية. و {هذا} القرآن {نَذِيرٌ مِنَ} جملة {النُّذُرِ الْأُولى} فلا وجه لإنكاره، أو {هذَا} الرسول {نَذِيرٌ مِنَ} جملة المنذرين الأولين، وقال: {النُّذُرِ الْأُولى} على تأويل الجماعة.

{أَزِفَتِ} قربت {الْآزِفَةُ} القيامة، لقوله جل جلاله: {اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ} (١) {لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ كاشِفَةٌ} أي: مبينة متى تقوم؛ لقوله: {لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ} (٢).

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لم ير ضاحكا بعد نزولها (٣).

{وَأَنْتُمْ سامِدُونَ} شامخون متبرطمون متكبرون. وقيل: لاهون لاعبون، وقال بعضهم لجاريته: أسمدي لنا؛ أي: غني، وقال الشاعر [من الوافر]:

فإنك لو شهدت بكاء هند ... و [رملة] (٤) إذ يصكان الخدودا

إذ لشهدت معولة ثكولا ... أباح الدهر واحدها الفقيدا

رمي الحدثان نسوة آل حرب ... بمقدار سمدن له سمودا

فردّ شعورهنّ السود بيضا ... وردّ وجوههنّ البيض سودا (٥)


(١) سورة القمر، الآية (١).
(٢) سورة الأعراف، الآية (١٨٧).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٣) وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (ص: ١٦١): رواه أحمد في الزهد والثعلبي من حديث صالح بن أبي خليل، ورواه ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس بإسناد ضعيف.
(٤) بياض بالأصل والمثبت من تاريخ مدينة دمشق لابن هبة الله (١٠/ ٤٧).
(٥) ينظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢١٩)، وذكره أبو القاسم بن هبة الله الشافعي في تاريخ مدينة دمشق (١٠/ ٤٧)، غريب الحديث لابن قتيبة (٢/ ٥٩٨)، لسان العرب (سمد) والبيتان الأولان في تاريخ دمشق:
وإنك لو سمعت بكاء هند ورملة حين يلطمن الخدودا
بكيت بكاء معولة ثكول أصاب الدهر واحدها الفريدا

<<  <  ج: ص:  >  >>