للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حين استمر عنادهم، فلا يلدوا إلا فاجرا كفارا؛ لأنه كان يلقاه الرجل منهم فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه، فإذا أفاق قال: رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون. {مُنْهَمِرٍ} منصب في كثرة وتتابع لم ينقطع أربعين يوما. {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً} أي: وجعلناها كلها كأنها عيون {فَالْتَقَى الْماءُ} يعني: مياه السماء والأرض {عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} على حال قدرها الله كيف شاء.

وقيل: {عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} أي: كان قدر ماء السماء كقدر ماء الأرض {عَلى ذاتِ أَلْواحٍ} على سفينة، وهي من الصفة القائمة مقام الموصوف، لا يفصل بينها وبينها. والدسر: الدفع، والدسار: ما يدفع به من مسمار ونحوه.

{تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (١٤) وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٥) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (١٩) تَنْزِعُ النّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣)}

{جَزاءً} مفعوله. والذي كفر هو نوح؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نعمة من الله؛ قال الله: {وَما أَرْسَلْناكَ إِلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ} (١).

وقرئ: "جزآء لّمن كان كفر" بفتح الكاف والفاء (٢).

{وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً} الضمير للسفينة أو للفعلة، وبقيت على جبل الجودي. وقيل: بأرض الجزيرة حتى أدرك السفينة أوائل هذه الأمة. والمدكر: المعتبر، أي: فهل من معتبر، والنذر:

جمع نذير، وهو الإنذار. {يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ} سهلناه للادكار والاتعاظ، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد. وقيل: سهلناه للحفظ فهل من راغب في حفظه، ويجوز أن يكون يسره بمعنى هيأه؛ قال الشاعر [من الطويل]:

فقمت إليه باللجام ميسّرا ... كذلك يجزيني الذي كنت أصنع (٣)

لأن التوراة والإنجيل وسائر الصحف لا تحفظ عن ظاهر القلب وإنما ينظر فيها وتقرأ.


(١) سورة الأنبياء، الآية (١٠٧).
(٢) قرأ بها يزيد بن رومان وعيسى وقتادة. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٢٧).
(٣) البيت للأعرج ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٧٨)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>