للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَنُذُرِ} وإنذاري بإنذار الرسل. وقيل: بإنذاراتي في تعذيبهم لمن بعدهم.

{فِي يَوْمِ نَحْسٍ} أي: يوم شؤم {مُسْتَمِرٍّ} دائم إلى أن فرغ من هلاكهم، كانوا يفرون من الريح فيدخلون في الشعاب والحفر العميقة في الأرض فتخرجهم الريح وتدق رقابهم.

{كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ} كأنهم أصول نخل {مُنْقَعِرٍ} منتزع من أصله، وكانوا أقواما طوالا؛ فإذا سقطوا على الأرض كانوا كالنخلة السحوق إذا سقطت. وقيل: شبهوا بالنخل المنقعر؛ لأن الريح كانت تقتلع رؤوسهم فيبقون كأنهم نخل بغير رأس، وذكر صفة النخل بقوله: {مُنْقَعِرٍ} وأنثها في قوله: {كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ} (١)؛ حملا على اللفظ (٢٨٣ /أ) والمعنى.

{فَقالُوا أَبَشَراً مِنّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنّا مُرْسِلُوا النّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤)}

{أَبَشَراً مِنّا} نصب بفعل مضمر يفسره {نَتَّبِعُهُ}

وقرئ: "أبشر" بالرفع (٢) على الابتداء، و {نَتَّبِعُهُ} الخبر. كان صالح يقول: إن لم تتبعوني كنتم في ضلال. وسعر: جمع سعير، وهي النار المتقدة، فعكسوا عليه، وقالوا: إن اتبعناك كان الأمر كما تقول. وقيل: السعر: الجنون؛ يقال: ناقة مسعورة.

وقال [من الطويل]:

كأنّ بها سعرا إذا الريح هزّها ... ذميل وإرخاء من السير متعب (٣)


(١) سورة الحاقة، الآية (٧).
(٢) قرأ بها أبو السمأل. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٢٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٣٧).
(٣) ينظر البيت في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ١٨٠)، تفسير القرطبي (١٧/ ٩٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٢٩)، غريب الحديث للخطابي (٢/ ٣٢) وفيه:
تخال بها سعرا إذا العيس هزها ذميل وتوضيع من السير متعب والذميل: ضرب من سير الإبل. وقيل: هو السير اللين ما كان. وقيل: هو فوق العنق، قال أبو عبيد: إذا ارتفع السير عن العنق قليلا فهو التزيد فإذا ارتفع عن ذلك فهو الذميل ثم الرسيم ". من لسان العرب (ذمل).

<<  <  ج: ص:  >  >>