للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالميامن، وتشاؤمهم بالشمائل، ولذلك اليمنى من اليمن، وسميت الشمال الشؤمي وقيل:

يؤخذ بأهل الجنة ذات اليمين وبأهل النار ذات الشمال.

{وَالسّابِقُونَ} المخلصون الذين سبقوا إلى ما دعاهم الله إليه. وقيل: الناس ثلاثة: رجل ابتكر الخير من حداثة سنه فلم يزل عليه حتى مات فهذا السابق، ورجل ابتكر الذنب في حداثة سنه ثم تراجع في آخر عمره بالتوبة فهذا صاحب اليمين، ورجل ابتكر الذنب في حداثة سنه، ثم لم يزل عليه حتى مات فهذا صاحب الشمال.

{ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ} و {ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ} تعجيب من حال الفريقين في السعادة والشقاوة

{وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ (١٠) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (١١) فِي جَنّاتِ النَّعِيمِ (١٢)}

يريد: والسابقون من عرفت حالهم، وقد جعل {السّابِقُونَ} الثانية توكيدا، و {أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} خبرا، وليس بذاك، ووقف بعضهم على {السّابِقُونَ} وابتدأ {السّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} (١).

{ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ (١٤) عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥) مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ (١٦) يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ (١٧) بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (١٨) لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ (١٩) وَفاكِهَةٍ مِمّا يَتَخَيَّرُونَ (٢٠) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمّا يَشْتَهُونَ (٢١) وَحُورٌ عِينٌ (٢٢) كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (٢٣) جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً (٢٥) إِلاّ قِيلاً سَلاماً سَلاماً (٢٦) وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨)}

والثلة: الجماعة؛ قال الشاعر [من الطويل]:

وجاءت إليهم ثلة خندفية ... تجيش كتيار من السيل مزبد (٢)

{وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} كفى به دليلا على الكثرة، وهي من الثل وهو الكسر، والأمة من الأم وهو الشج، والمعنى: إن السابقين كسر من الأولين، وهم الأمم من لدن آدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم.


(١) قاله الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٥٨).
(٢) ينظر البيت في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٢٥٥)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٤٥٨) وفي الدر: من البحر مزيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>