للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦) نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ (٥٧)}

واللام في {لِأَصْحابِ الْيَمِينِ} من صلة" إنشاء "و" جعلنا ". {فِي سَمُومٍ} في حر نار تتقد في المسام. {وَحَمِيمٍ} ماء حار متناهي الحرارة.

{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} من دخان أسود بهيم. {لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} نفي لصفتي الظل عنه؛ سماه ظلا ثم نفى عنه برد الظل وروحه ونفعه. وفيه تسميع أن الكفار ظلهم {لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} وإنما يستحق هذا الوصف المؤمنون والسابقون وأصحاب اليمين.

و {الْحِنْثِ} الذنب العظيم، ومنه قولهم: بلغ الغلام الحنث؛ أي: بلغ أن يؤخذ بالمآثم.

{أَوَآباؤُنَا} دخلت همزة الاستفهام على حرف العطف. [فإن قلت:] كيف حسن العطف على الضمير في {لَمَبْعُوثُونَ} من غير توكيد ب‍ {نَحْنُ؟} قلت: حسن للفاصل الذي هو الهمزة. {إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ} إلى ما وقتت به الدنيا من يوم معلوم، والإضافة بمعنى من، ومنه مواقيت الإحرام. {أَيُّهَا الضّالُّونَ} عن الهدى {الْمُكَذِّبُونَ} بالبعث، وهم أهل مكة من {شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ} {مِنْ} الأولى لابتداء الغاية، والثانية لبيان الجنس {شُرْبَ الْهِيمِ} الهيام: داء يأخذ الإبل فتشرب ولا تروى. وقيل: الهيم: الرمال. فإن قلت: كيف صح عطف الشاربين على الشاربين، وهما لذوات متفقة وصفتان متفقتان، وهو عطف الشيء على نفسه؟ قلت: لأن الشرب الأول مما يتعجب منه؛ لأن الماء الذي انتهى حره و {يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ} (١) كيف يقدرون على شربه مع تلك الحالة، وأعجب منها أنهم يشربونه شرب الهيم!! فلما عظمت كل صفة منها صار ذلك كالتعجب فعطف على ما قبله؛ لاختلاف المعنيين. النزل: الرزق الذي يعد للنازل تكرمة، وفيه تهكم بهم؛ كقوله:

{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} (٢) {فَلَوْلا تُصَدِّقُونَ} فهلا تصدقون.

{أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ}


(١) سورة الحج، الآية (٢٠).
(٢) سورة الانشقاق، الآية (٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>