للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ} لزراعة الحب؛ معنى {تَحْرُثُونَ} تبذرون حبه {أَأَنْتُمْ} تنبتونه وتجعلون له مادة من الشرب إلى أن ينتهي إلى غايته.

{أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْلا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعاً لِلْمُقْوِينَ (٧٣)}

وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقولن أحدكم زرعت؛ فإن الله هو الزارع، ولكن يقول:

حرثت" قال أبو هريرة: انظر إن شئت: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزّارِعُونَ} (١). {حُطاماً} كالفتات والجذاذ، أسماء لما انهشم وتفتت.

{فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ} تعجبون. {إِنّا لَمُغْرَمُونَ} أي: عدمنا وغرمنا النفقات على هذا الزرع وحرمنا بركته. وقيل: المحروم: من زرع زرعا فلم ينجب أو أنشأ بستانا فلم ينجب؛ قال الله تعالى في قصة البستان: {إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ} إلى أن قال: {إِنّا لَضالُّونَ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} (٢) أي: لسنا من أصحاب الحظ، ولو كنا منهم لأنجب زرعنا. وقيل: الغرام: الهلاك، ومنه قوله: {إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً} (٣)

{الْمُزْنِ} السحاب، واحدته مزنة. وقيل: هو السحاب الأبيض، الأجاج: الشديد الملوحة؛ لا يقدر على شربه، وإنما دخلت اللام في قصة الزرع ولم تدخل في قصة المزن؛ لأن الجملة الثانية دخلت على جملتين إحداهما مرتبطة بالأخرى؛ فأشبهت الشرط فجعلت اللام في جواب "لو" علما على شبه الشرطية؛ فإذا استمر استعمالها صارت اللام المحذوفة كالثابتة؛ قال الشاعر [من الرجز]:


= ويستمع ممن خالفه؛ ليتنبه بذلك على غفلة إن كانت وأن يبلغ غاية جهده، وينصف من نفسه حتى يعرف من أين قال ما قال ". انتهى، من فتح الباري.
(١) رواه ابن حبان في صحيحه رقم (٥٧٢٣)، والبيهقي في شعب الإيمان رقم (٥٢١٧) وضعفه، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٢٣) للبزار وابن جرير وابن مردويه وأبي نعيم، عن أبي هريرة.
(٢) سورة القلم، الآية (٦٧).
(٣) سورة الفرقان، الآية (٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>