للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٩١ /ب) أي: كعرض السماوات السبع والأرضين السبع، وذكر العرض دون الطول؛ لأن عرض كل شيء أقصر من طوله، ويجوز أن يراد بالعرض الكثرة؛ كقوله: {فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ} (١).

{مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} نحو الجدب وآفات الزرع. {وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ} بالأعلال والأمراض {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها} أي: قبل أن نخلقها؛ فإن الله هو البارئ المصور، والضمير في {نَبْرَأَها} يرجع إلى الأرض أو النفس أو المصيبة.

إن إثبات ذلك يسير على الله، يعني: إذا علمتم بأن كل شيء مكتوب عند الله خفت الهموم، وعلم أن كل ما قدر كائن. {وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ} لأن من فرح بحظ من الدنيا وعظم عنده اختال وافتخر به وتكبر على الناس. فإن قلت: ما نرى أحدا يملك نفسه ويمنعها عن الفرح بما يتجدد من خير ولا يمنعها من التألم إذا ناله ما يسوءه؟

قلت: المراد ذم الفرح الذي يخرج إلى الفخر والخيلاء {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} بدل من {كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ}. {لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلَنا} يعني الملائكة إلى الأنبياء. {بِالْبَيِّناتِ} أي: بالحجج والمعجزات. {وَأَنْزَلْنا مَعَهُمُ الْكِتابَ} أي: الكتب؛ كقوله: {كانَ النّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ} (٢) أي: الكتب.

وقيل: الكتاب. الخط بالقلم، تقول: كتبت كتابا وكتابة. وروي أن جبريل عليه السلام نزل بالميزان فأعطاه نوحا، وقال له: مر قومك يزنوا به (٣). {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} قيل: نزل آدم ومعه خمسة أشياء من حديد: السندان، والكلبتان، والمطرقة، والإبرة (٤). وقيل: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} خلقناه؛ كقوله: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ} (٥).

{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ} فالبأس الشديد: القتال به، والمنافع ظاهرة. قيل: ما من عمل من الأعمال إلا وفيه آلة من الحديد. وجعلنا {وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} أي: بإعداد آلة


(١) سورة فصلت، الآية (٥١).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢١٣).
(٣) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٨٠).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٢٧/ ٢٣٧) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٥) سورة الزمر، الآية (٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>