للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقعد للقتال (١) (٢٩٣ /ب) {يَفْسَحِ اللهُ لَكُمْ} مطلق في كل ما يراد التوسع فيه، وهو المجلس والقلب والرزق وغير ذلك. {اُنْشُزُوا} ارتفعوا لتوسعوا على المقبلين، أو ارتفعوا عن مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرتم بالنهوض عنه، أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وأعمال الخير إذا استنهضتم ولا تفرطوا. {يَرْفَعِ اللهُ} المؤمنين بامتثال أوامر رسوله والعلماء منهم خاصة. {دَرَجاتٍ} بما تعلمون. عن ابن مسعود أنه كان إذا قرأها قال: يا أيها الناس:

افهموا هذه الآية ولترغبكم في العلم (٢).

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: "فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب" (٣).وعنه: "يشفع يوم القيامة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء" (٤).فأعظم بمرتبة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي كلام بعض الحكماء: ليت شعري، أي شيء فات من أدرك العلم، ليت شعري؛ أي شيء أدرك من فاته العلم؟

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)}

{بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً} استعارة ممن له يدان، والمعنى: قبل نجواكم. {ذلِكُمْ} التقديم {خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ} لأن الصدقة طهرة. روي أن الناس أكثروا مناجاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أملوه فأريد أن يكفوا عن ذلك فأمروا بأن من أراد أن يناجيه قدم قبل مناجاته صدقة، قال علي: فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت؛ فقال: ما تقول في دينار؟ قلت: لا يطيقونه، قال:

كم؟ قلت: حبة أو شعيرة، قال: إنك لزهيد. فلما رأوا ذلك اشتد عليهم وكفوا؛ أما الفقير فلعسرته، وأما الغني فلشحّه (٥). قيل: كان ذلك عشر ليال فنسخ وقيل: ما كان إلا ساعة


(١) سورة آل عمران، الآية (١٢١).
(٢) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٤٩٢) وذكر السيوطي في الدر المنثور (٨/ ٨٣) ونسبه لابن المنذر عن ابن مسعود قال: "ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم في هذه الآية فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم".
(٣) رواه أحمد رقم (٢٠٧٣٣)، وأبو داود رقم (٣١٥٧)، والترمذي رقم (٢٦٠٦)، وابن ماجه رقم (٢١٩)، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (٦٢٩٧).
(٤) رواه ابن ماجه رقم (٤٣٠٤) وقال الألباني في ضعيف الجامع رقم (٢١٤٨) موضوع.
(٥) رواه الترمذي رقم (٣٢٢٢) وقال: حسن غريب، وضعفه الألباني في ضعيف الترمذي (٦٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>