للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ورسوله أعلم، فنزلت (١). والعدوّ: من عدا؛ كالعفو من عفا، ولكونه على زنة المصدر؛ عومل معاملته وأوقع على الجمع إيقاعه على الواحد.

ويتعلق {تُلْقُونَ} بالضمير في {لا تَتَّخِذُوا} وكان القياس (٢٩٨ /أ) حيث رجع الضمير إلى غير من هو له أن يقال: [تلقون إليهم أنتم] (٢)، وذلك إنما اشترط في الأسماء دون الأفعال، ولو قلت: ملقين إليهم بالمودة. لما كان بد من الضمير البارز، وقوله:

{بِالْمَوَدَّةِ} أصله: تلقون إليهم المودة، والباء زائدة؛ كما في قوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ} (٣) على أن مفعول {تُلْقُونَ} محذوف، والتقدير: تلقون إليهم أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بسبب المودة التي كانت بينكم؛ وكذلك قوله: {تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ}. وقوله: {وَقَدْ كَفَرُوا} متعلق إما ب‍ {لا تَتَّخِذُوا} أو بقوله: {تُلْقُونَ}. وقوله: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ} كالتفسير لكفرهم وعتوهم، أو حال من" كفروا "و {أَنْ تُؤْمِنُوا} تعليل ل‍ {يُخْرِجُونَ} أي: يخرجونكم لإيمانكم، وقوله:

{إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً} تعليل لقوله: {لا تَتَّخِذُوا} وهو شرط وجوابه محذوف دل عليه ما سبق. {وَمَنْ يَفْعَلْهُ} ومن يفعل هذا الإسرار فقد أخطأ طريق الحق والصواب. وقرأ الجحدري {بِما جاءَكُمْ} مخففا (٤) أي: كفروا لأجل ما جاءكم؛ بمعنى: أن ما كان ينبغي أن يكون سبب إيمانهم جعلوه سببا لكفرهم.

{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ (٢)}

{إِنْ يَثْقَفُوكُمْ} إن يظفروا بكم، لا تحصل الصداقة ولا تفيد المودة القديمة، وجاء

{يَثْقَفُوكُمْ} بالفعل المضارع، وجاء بعده {وَوَدُّوا} ماضيا؛ لأن الماضي إذا وقع في الشرط صار مستقبلا؛ كأنه قال: وودوا قبل كل شيء كفركم.

{لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣) قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ وَبَدا بَيْنَنا وَبَيْنَكُمُ الْعَداوَةُ وَالْبَغْضاءُ أَبَداً حَتّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ}


(١) رواه البخاري رقم (٣٦٨٤)، ومسلم رقم (٤٥٥٠).
(٢) غير واضح بالأصل والمثبت من الكشاف للزمخشري (٤/ ٥١٢) وهو مناسب للسياق.
(٣) سورة البقرة، الآية (١٩٥).
(٤) هذه قراءة الجحدري. تنظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٠٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٥١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>