للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإعطاء زوجها ما أنفق، وتزوجها عمر (١). وأراد بالعلم في {عَلِمْتُمُوهُنَّ} غلبة الظن بالقرائن والاختبار التام، ثم نفى الحرج في تزويج المهاجرات إذا آتوهن أجورهن بقوله: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} هذا مذهب الشافعي، وأنه لا بد أن تعتد المرأة المهاجرة، وعند أبي حنيفة: أنه لا يجوز إخلاء النكاح عن الصداق، ولا عدة على مهاجرة (٢). {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ} العصمة: ما يعتصم به من عقد وسبب. وعن مجاهد: أمرهن بطلاق من بقي في دار الحرب منهن (٣) {وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ} من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار.

{وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا} من مهور نسائهم المهاجرات. {ذلِكُمْ حُكْمُ اللهِ} يعني ما ذكره في الآية. {يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} بكلام مستأنف، أو حال من {حُكْمُ اللهِ} على حكم الضمير، أي: يحكمه الله، أو جعل الحكم حاكما على المبالغة.

{وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (١١) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (١٣)}

وروي: أنه لما نزلت أدى المؤمنون ما أمروا به من أداء مهور المهاجرات المؤمنات إلى أزواجهن المشركين، وأبي المشركون أن يؤدوا شيئا من مهور الكوافر إلى أزواجهن المسلمين؛ فنزل قوله تعالى: {وَإِنْ فاتَكُمْ شَيْءٌ} أي: وإن سبقكم شيء وانفلت منكم زوج من أزواجكم، عبر عنه بالشيء، وعدل عن {أَحَدٍ *} لأن مراده أن يترك شيء من هذا الجنس، وهي الزوجة المرتدة. {فَعاقَبْتُمْ} من العقبة، وهي النوبة. {فَآتُوا} فأعطوا من ذهبت امرأته


(١) ذكر ذلك كله الزمخشري في الكشاف (٤/ ٥٠٨)، وأما زواجها من عمر رضي الله عنه ففيه نظر؛ فقد روى البخاري في صحيحه رقم (٣٦٩١)، ومسلم رقم (٢٧٢٨) " أن سبيعة بنت الحارث كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفي عنها في حجة الوداع ".
(٢) ينظر: الأم للإمام الشافعي (١٩٤، ٤/ ١٩٣)، أحكام القرآن للإمام الشافعي (٦٩، ٢/ ٦٨)، بداية المبتدي للمرغيناني (١/ ٦٦)، شرح فتح القدير لمحمد بن عبد الواحد (٣٣٤، ٤/ ٣٣٣).
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٢٨/ ٧٢)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ١٣٣) للفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد.

<<  <  ج: ص:  >  >>