و {عَسَى} وعد من الله على عادات الملوك؛ حيث يقولون في بعض الحوائج: عسى، ولعل، فلا يبقى عند المحتاج شبهة في ذلك، أو قصد به إطماع المؤمنين. {وَاللهُ قَدِيرٌ} على تقليب القلوب وتغيير الأحوال. {أَنْ تَبَرُّوهُمْ} و {أَنْ تَوَلَّوْهُمْ} بدل مما قبلهما.
{إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ} سماهن مؤمنات لتصديقهن في الظاهر. {فَامْتَحِنُوهُنَّ} وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول للممتحنة:" بالله الذي لا إله إلا هو، ما خرجت من بغض زوج؟ بالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض؟ بالله ما خرجت التماس دنيا؟ بالله ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله "(١). {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ} فإن خبرتم أحوالهن فلا تردوهن إلى الكفار؛ فإنه لا يحل للمرأة أن تبقى على نكاح كافر، ولا لكافر مشرك أن يبقي مسلمة في عصمته، وأراد ب " علمتموهن "الخبرة بقدر الطاقة. {وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا} وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور، وذلك أن صلح الحديبية كان على أن من أتاكم من أهل مكة رد إليهم، ومن أتاهم منكم لم يرد إليكم، وكتبوا بذلك كتابا وختموه؛ فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية مسلمة، والنبي صلى الله عليه وسلم بالحديبية، فأقبل زوجها مسافر المخزومي. وقيل: صيفي بن الراهب؛ فقال: يا محمد، اردد إليّ امرأتي؛ فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا من أتاك منا، وهذه طينة الكتاب لم تجف؛ فنزلت بيانا؛ لأن الشرط إنما كان في الرجال دون النساء. وقيل: كان الشرط بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين عهد ألا يأتيك منا امرأة ليست على دينك إلا رددتها إلينا؛ فإن دخلت في دينك ولها زوج أن تردّ على زوجها الذي أنفق عليها، والنبي صلى الله عليه وسلم ينزل عليه من السماء مثل ذلك. وقيل: نسخ هذا الحكم، واستحلفها رسول الله صلى الله عليه وسلم (٢٩٩ /أ)
(١) رواه الترمذي رقم (٣٢٣٠)، والطبري في تفسيره (٢٨/ ٦٧)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٨/ ١٣٧) لابن أبي أسامة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما. قال الترمذي: غريب. وضعفه الشيخ الألباني في ضعيف الترمذي رقم (٣٣٠٨).