للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاسْتَغْنَى اللهُ} أطلق ليتناول كل شيء. {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا} الزعم: نسبة القول إلى الشخص مع البراءة من عهدته، ويتعدى إلى مفعولين، و {أَنْ} مع ما في حيزها سدت مسد مفعول" زعم "و {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} أهل مكة. {بَلى} إثبات لما بعد" أن "وهو البعث. {وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، وعني بالرسول محمدا صلى الله عليه وسلم وبالنور القرآن، وانتصب اليوم إما بقوله:" لتنبؤن "أو ب‍" خبير "لما فيه من معنى الوعيد، أو بإضمار" اذكر ". {لِيَوْمِ الْجَمْعِ} ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون. {التَّغابُنِ} مأخوذ من مغابنة المتعاملين؛ كل واحد منهما يغبن صاحبه، ويوم القيامة يصير الغابن مغبونا والمغبون غابنا، وفي الحديث:" ما من عبد يدخل الجنة إلا رأى مقعده من النار لو كان أساء ليزداد إيمانا، وما من عبد يدخل النار إلا يرى مقعده من الجنة لو كان أحسن ليزداد حسرة " (١).

{يَهْدِ قَلْبَهُ} يشرح صدره للأعمال الصالحات. وقيل: هو قول الرجل عند المصيبة لا حول ولا قوة إلا بالله. وقيل: يهدي قلبه حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.

{اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (١٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦) إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ (١٧) عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)}

وتقديم المجرور في قوله: {وَعَلَى اللهِ} يدل على الاختصاص عند الزمخشري (٢) وعلى الاهتمام عند غيره. إن بعض الأزواج يعادين أزواجهن إما لقلة الإنفاق، أو لاختلاف التدبير والرأي وكذلك الأولاد والضمير في قوله: {فَاحْذَرُوهُمْ} للأزواج والأولاد {وَإِنْ تَعْفُوا} عنهم إذا اطلعتم على عداوة {فَإِنَّ اللهَ} يغفر لكم.


(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٥٤٨)، ونسبه الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف (ص: ١٧٣) لأبي نعيم في الحلية في ترجمة سفيان الثوري، وقال: لم أره مرفوعا.
(٢) ينظر: الكشاف (٤/ ٦٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>