للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (١٢) عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ (١٣) أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ (١٤) إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٥) سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ (١٦)}

{مَنّاعٍ لِلْخَيْرِ} يريد به البخل ومنع الواجب من أهله. قيل: هو الوليد بن المغيرة؛ كان موسرا (٣٠٨ /أ) وله عشرة من البنين، وكان يقول لهم: من أسلم منكم منعته رفدي وقيل:

هو أبو جهل. وقيل: الأسود بن عبد يغوث، وقيل: هو الأخنس بن شريق، أصله من ثقيف وعداده في زهرة؛ ولذلك قيل: {زَنِيمٍ} قال الشاعر [من الطويل]

زنيم تداعاه الرجال زيادة ... كما زيد في عرض الأديم الأكارع (١)

{مُعْتَدٍ} مجاوز حده في الظلم. {أَثِيمٍ} كثير الآثام. {عُتُلٍّ} غليظ جاف؛ من عتله:

إذا قاده بغلظة وعنف. {بَعْدَ ذلِكَ} أي: بعد ما عدّ له من المثالب والنقائص. {زَنِيمٍ} دعيّ؛ وكان الوليد دعيّا في قريش ليس من أصلهم، ادّعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده.

وقيل: بغت أمّه ولم يعرف ذلك حتى نزلت هذه الآية؛ جعل كونه دعيّا أشدّ معاتبة؛ لأنه إذا جفا وغلظ ساءت أخلاقه، والغالب أن النطفة إذا خبثت خبث الناشئ منها، ومن ثم جاء في بعض الروايات:" لا يدخل الجنة ولد الزنى ولا ولده ولا ولد ولده " (٢).وقوله: {بَعْدَ ذلِكَ} نظير {ثُمَّ *} في قوله: {ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا} (٣) والزنمة: تؤخذ من جلد الماعز وتخلّى مدلاة على وجهها لا تقطع. قوله: {أَنْ كانَ ذا مالٍ} متعلق بقوله: {وَلا تُطِعْ *} أي:

لا تطعه؛ لأنه ذو مال مع هذه المثالب، ويجوز أن تتعلق بما بعد؛ أي: لا تطعه لكونه ذا مال مستظهر بالبنين. {إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا} كذّب بها، وقال: هذا ما سطره الأولون، ولا يعمل فيه" قال "الذي هو جواب {إِذا} لأن ما بعد الشرط لا يعمل فيما قبله؛ ولكنه يعمل فيه ما دلت عليه الجملة من التكذيب. والوجه أكرم شيء في البدن، والأنف أكرم شيء في الوجه؛ ولذلك شقوا منه الأنفة، وقالوا: الأنف في الأنف، وحمي أنفه، وفلان شامخ العرنين، وقالوا في الذليل: جدع أنفه، ورغم أنفه؛ فعبّر بالوسم على الخرطوم عن غاية الإذلال


(١) البيت لحسان بن ثابت، ينظر في: تفسير ابن كثير (٤/ ٤٠٥)، الدر المنثور للسيوطي (٨/ ٢٤٦)، لسان العرب (زنم).
(٢) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (٢/ ٣٠٨)، وذكره القاري في الأسرار المرفوعة في الأحاديث الموضوعة رقم (١٠٦٨)، وابن الجوزي في الموضوعات (٣/ ١١٠).
(٣) سورة البلد، الآية (١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>