للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإهانة؛ لأن السمة على الوجه شين وإهانة؛ فكيف بها على أكرم موضع فيه، ولقد وسم العباس أبا عرة في وجوهها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أكرموا الوجوه " (١).فوسمها في جواعرها (٢) وفي لفظ الخرطوم استخفاف به واستهانة.

وقيل معناه: سنعلمه يوم القيامة بعلامة مشوهة يعلم بها من سائر الكفرة (٣٠٨ /ب) كما عادى رسول الله صلى الله عليه وسلم عداوة بان بها عنهم. وقيل: سنشهره بهذه النسبة في الدارين جميعا فلا يخفى كما لا تخفى السمة على الخرطوم. وعن النضر بن شميل (٣): أن الخرطوم:

الخمر، وأن معناه: سنحده على شربها، وهو تعسف، وقيل للخمر الخرطوم؛ كما قيل لها:

السلافة، وهي ما سلف من عصير العنب، أي: لأنها تطير في الخياشيم (٤).

{إِنّا بَلَوْناهُمْ كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ (١٧) وَلا يَسْتَثْنُونَ (١٨) فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نائِمُونَ (١٩) فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠) فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ (٢١) أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ (٢٢) فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ (٢٣) أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (٢٤) وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ (٢٥) فَلَمّا رَأَوْها قالُوا إِنّا لَضالُّونَ (٢٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٢٧) قالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ (٢٨)}

{إِنّا} بلونا أهل مكة بالقحط والجوع بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم. {كَما بَلَوْنا أَصْحابَ الْجَنَّةِ} وهم قوم من أهل الصلاة كانت لأبيهم هذه الجنة دون صنعاء بفرسخين؛ فكان يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي، وكان يترك للمساكين ما أخطأ المنجل، وما في أسفل


(١) ذكره الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف (٤/ ٧٧) وقال: غريب بهذا اللفظ، وقال الحافظ ابن حجر في الكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف (ص: ١٧٦): لم أره هكذا، ثم ساق نحوه عن ابن حبان.
(٢) الجواعر: جمع الجاعرة، والجاعرة: مثل الروث من الفرس. والجاعرتان: حرفا الوركين المشرفان على الفخذين. وقيل: هما ما اطمأن من الورك والفخذ في موضع المفصل. وقيل: هما رؤوس أعالي الفخذين. وقيل: هما مضرب الفرس بذنبه على فخذيه. لسان العرب (جعر).
(٣) هو النضر بن شميل بن خرشة بن زيد بن كلثوم بن عنزة بن زهير بن عمرو بن حجر بن خزاعي بن مازن بن عمرو بن تميم، العلامة الإمام الحافظ أبو الحسن المازني البصري النحوي نزيل مرو وعالمها، كان النضر إماما في العربية والحديث، وهو أول من أظهر السنة بمرو وجميع خراسان وكان أروى الناس عن شعبة، وخرج كتبا كثيرة لم يسبقه إليها أحد، ولي قضاء مرو. ولد في حدود سنة اثنتين وعشرين ومائة، ومات في أول سنة أربع ومائتين. ينظر: سير أعلام النبلاء للذهبي (٩/ ٣٢٨ - ٣٣١).
(٤) قال ابن منظور في لسان العرب (خرطم): ومن أسماء الخمر الخرطوم. والخرطوم: الخمر السريعة الإسكار وقيل: هو أول ما يجري من العنب قبل أن يداس.

<<  <  ج: ص:  >  >>