للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} أي: السنة؛ لقوله: {وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ} [الأحزاب: ٣٤] {وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ} [آل عمران: ١٦٤] وقيل: الحكمة: العلم والعمل به. الألباب: العقول {فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ} أي: يجازي عليه.

وذكر الوفاء بالنذر كما قال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} [الإنسان: ٧] ولم يقل: ينذرون، فلا يوصف النذر بأنه مستحب، ففيه إساءة أدب يقول: إن شفى الله مريضي فلله عليّ دينار، فكأنه يقول: وإن لم يشف مريضي فلا أعطي شيئا. وإذا جاء جواب الشرط بالفاء، وبعده جملة اسمية وعطف عليها بفعل مضارع جاز في الفعل المضارع الجزم عطفا على موضع الفاء، والرفع عطفا على ما بعد الفاء؛ لأنه مستحق الرفع (١)؛ كقوله: {وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ} وجاء في هذه الآية الوجهان: {وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ} «ويكفر» قرأ بهما في السبعة (٢) (٢٠ /أ).

وكذلك قوله: {مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} «ويذرهم» قرئ بهما (٣).

{لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ (٢٧٢) لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النّاسَ إِلْحافاً وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (٢٧٣)}


(١) قال ابن مالك في شرح الكافية الشافية (٢/ ١٥٩): إذا أخذت أداة الشرط جوابها، وذكر بعده مضارع بعد فاء أو واو جاز جزمه عطفا على الجواب، ورفعه على الاستئناف، ونصبه على إضمار «أن». وينظر: الكتاب لسيبويه (٩٠، ٣/ ٨٩)، همع الهوامع للسيوطي (٢/ ١٣١٨ - ١٣١٩).
(٢) قرأ نافع وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف «ونكفر»، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وشعبة ويعقوب «ونكفر» وقرأ الباقون «ويكفر». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٢/ ٣٢٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٠٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ٦٥١)، السبعة لابن مجاهد (ص: ١٩١)، الكشاف للزمخشري (١/ ٣١٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٣٦).
(٣) سورة الأعراف، الآية (١٨٦) وقرأ أبو عمرو وعاصم ويعقوب ويذرهم بالرفع، وقرأ حمزة والكسائي وخلف «ويذرهم» بالسكون، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر «ونذرهم» بالجمع والرفع. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٤٣٣)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٦٧)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٣٠٣)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٩٨)، الكشاف للزمخشري (٢/ ١٠٦)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>