شديدة زائدة في الشدة؛ كما زادتا قبائحهم؛ ربا الشيء يربو: إذا زاد {فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ}(١){حَمَلْناكُمْ} حملنا آباءكم في السفينة {الْجارِيَةِ} لأنهم إذا كان أجدادهم محمولين في الجارية فقد حملوا فيها؛ لأن في ذلك إشارة إلى نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين {تَذْكِرَةً} عظة وعبرة. {أُذُنٌ واعِيَةٌ} من شأنها أن تعي ما تسمع، وكل ما حفظته في نفسك فقد وعيته، وما جعلته في وعاء فقد أوعيته. فإن قيل: لم أفرد الأذن ونكرها؟ قلنا: للإشعار بقلة الواعين لما سمعوه، ولتوبيخ الناس بقلة من يعي، وللإشعار بأن الأذن الواحدة إذا وعت وعقلت فهي في مقام السواد الأعظم، وأن ما سواها لا يعبأ به، وإن ملأ ما بين الخافقين والنفخات متعددة.
ومعنى قوله:{واحِدَةً} أي: لا تثنى في وقتها، والمراد - هاهنا - النفخة الأولى؛ لأن عندها فساد العالم، وفي رواية: هي النفخة الثانية. وأما قوله:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} مع أن العرض بعد النفخة الثانية؛ فلأن جعل اليوم اسما للحين الواسع الذي تقع فيه النفختان، والصعقة والنشور والوقوف والحساب؛ فلذلك قيل:{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ} كما تقول: جئتك في عام كذا، وإنما جئت في وقت من أوقاته. {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ} أي: بريح لها من القوة أن تحمل الأرض والجبال. وقيل: بل تفعل ذلك بقدرة الله تعالى. {فَدُكَّتا} يعني حملة الأرض وحملة الجبال فضرب بعضها ببعض؛ حتى تندقّ وتتفتت، وترجع كثيبا مهيلا وهباء منبثا. وقيل:
بسطتا بسطة واحدة فصارتا أرضا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا.
{فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ} جاءت القيامة {واهِيَةٌ} مسترخية ساقطة القوة بعد ما كانت (٣١١ /أ) محكمة. قوله:{وَالْمَلَكُ} أي: الخلق الذي يقال له الملك، وأفرده ولم يجمعه. {عَلى أَرْجائِها} على نواحيها؛ الواحد: رجا مقصور. {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ} قيل: هم حملة العرش؛ اليوم أربعة ويوم القيامة يصيرون ثمانية. وقيل: الثمانية أرجلهم في تخوم الأرض السابعة السفلى، ورؤوسهم تحت العرش وهم مطرقون مسبحون.