للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكنتم تنظرون إليهم ففعلوا فلما مات أولئك قال لمن بعدهم: إنهم كانوا يعبدونهم فعبدوهم. وقيل: كان ود على صورة رجل، وسواع على صورة امرأة، ويغوث على صورة أسد، ويعوق على صورة فرس، ونسر على صورة نسر.

وقرئ "ودا" بضم الواو (١). يجوز أن يريد بقوله: {أَضَلُّوا} الأصنام؛ كقوله: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النّاسِ} (٢). قوله: {وَلا تَزِدِ} معطوف على قوله: {رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} يحكي قوليه؛ كقولك: نودي بالصلاة فصلى في الجماعة، عطف أحد القولين على الآخر، وتقديمه المجرور في قوله: "مما خطاياهم" (٣) يدل على الاختصاص، أي: لم يكن الباعث على إغراقهم إلا خطاياهم. وعن الضحاك: كانوا يغرقون من جانب ويحرقون من جانب (٤).

وتنكير قوله: {فَأُدْخِلُوا ناراً} إما لتعظيمها، أو لأنها نار معينة أعدت لقوم نوح. {فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً} بين أنهم يئسوا من نصرة آلهتهم {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} (٥).

{وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيّاراً (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً كَفّاراً (٢٧) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ تَباراً (٢٨)}

ديار: من الأسماء المستعملة في النفي العام، يقال: ما بالدار ديار وديور، كقيام وقيوم، ولو كان "فعالا" لكان دوارا، لكنه "فيعال" فعل به ما فعل بسيد وميت. سبق إعلام الله - تعالى - لنوح أنه {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّ مَنْ قَدْ آمَنَ} (٦) فلذلك قال: {وَلا يَلِدُوا إِلاّ فاجِراً}


(١) قرأ بها نافع وأبو جعفر. وقراءة الباقين بفتح الواو. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٤٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٥٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٢٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٨٥)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٥٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦١٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩١).
(٢) سورة إبراهيم، الآية (٣٦).
(٣) قرأ أبو عمرو البصري والحسن والأعرج وعيسى بن عمر "مما خطاياهم"، وقراءة الباقين مِمّا خَطِيئاتِهِمْ. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٤٣)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٥٣)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٢٦) الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٨٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٥٣)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٢٠).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٦٢٠).
(٥) سورة الصافات، الآية (٧٤).
(٦) سورة هود، الآية (٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>