للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكلهن من قولهم إلا الثنتين الآخرتين. {وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلّهِ} {وَأَنَّهُ لَمّا قامَ} ومن فتح كلهن (١) فعطفا على محل الجار والمجرور في قوله: {فَآمَنّا بِهِ} فكأنه قيل: صدقناه وصدقنا أنه {تَعالى جَدُّ رَبِّنا} {وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا} وكذلك البواقي.

{نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} جماعة منهم ما بين الثلاثة إلى العشرة. وقيل: كانوا من قبيلة من الجن من الشيصبان (٢) وهم أكثر الجن عددا، وعامة جنود إبليس منهم.

{فَقالُوا إِنّا سَمِعْنا} أي: قالوا لقومهم حين رجعوا إليهم؛ كقوله: {فَلَمّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ} (٣). {إِنّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً} بديعا مباينا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه قائمة فيه دلائل الإعجاز. و {عَجَباً} مصدر يوضع موضع العجب وفيه مبالغة وهو ما خرج من حد أشكاله ونظائره. {يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} يدعو إلى الصواب. وقيل: إلى التوحيد والإيمان. الضمير في" به "للقرآن، ولما كان الإيمان به إيمانا بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك قالوا: {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً} أي: ولن نعود إلى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان ويجوز أن يكون الضمير لله تعالى؛ لأن قوله" بربنا "يفسره {جَدُّ رَبِّنا} عظمته، من قولك: جد فلان في عيني، أي: عظم.

{وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣)}

وفي حديث عمر رضي الله عنه:" كان الرجل منا إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا "وروي:

" في أعيننا " (٤).


(١) قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم وخلف بفتح الهمزة في المواضع كلها، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو ويعقوب بكسرها في المواضع كلها، وفتحها أبو جعفر في ثلاثة مواضع" وأنه تعالى - وأنه كان يقول - وأنه كان رجال ". تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٤٧)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٥٤)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٢٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٣٨٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٥٦)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٢٢)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩١).
(٢) الشيصبان: الذكر من النمل ويقال: هو جحر النمل، وقيل: هو الشيطان الرجيم، والشيصبان والبلأز والجلأز والجان والقاز والخيتعور كلها من أسماء الشيطان. والشيصبان: أبو حي من الجن. لسان العرب (شصب).
(٣) سورة الأحقاف، الآية (٢٩).
(٤) ذكره الزمخشري في الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٢٣) وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (٤/ ٥٦) غريب. وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الكشاف للزمخشري (ص: ١٧٨) لم أره عن عمر بل هو عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>