للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ثُمَّ نَظَرَ (٢١) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (٢٣) فَقالَ إِنْ هذا إِلاّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هذا إِلاّ قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦) وَما أَدْراكَ ما سَقَرُ (٢٧) لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ (٢٨) لَوّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠) وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النّارِ إِلاّ مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ وَما هِيَ إِلاّ ذِكْرى لِلْبَشَرِ (٣١)}

{ثُمَّ نَظَرَ} وجوه الناس، ثم قطب وجهه، ثم زحف مدبرا وتشاوس مستكبرا لما خطرت بباله الكلمة الشنعاء. وقيل: قدر ما يقوله، ثم نظر فيه، ثم عبس لما ضاقت عليه الحيل وقيل: قطب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أدبر عن الحق واستكبر عنه {ثُمَّ نَظَرَ:} عطف على {فَكَّرَ وَقَدَّرَ} والدعاء: اعتراض بينهما وهو {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ}. فإن قلت: ما معنى دخول" ثم "في هذه الآيات؟ قلت: لاستبعاد ما أتى به الوليد فجعل بعده عن الحق بمنزلة بعد المسافة. {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ} بدل من قوله" سأرهقه " {لا تُبْقِي} شيئا إلا أهلكته {وَلا تَذَرُ} هالكا حتى يعاد. {لَوّاحَةٌ} من لاحته الشمس تلوحه: إذا غيرته أي: مغيرة للخلق. {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} أي: يلي أمرها تسعة عشر ملكا. وقيل: تسعة عشر صفا. جعلهم ملائكة ولم يجعلهم من جنس غير الملائكة من الجن والإنس؛ لأن النفس إلى الجنس أميل وإذا كان المعذّبون ملائكة والمعذّبون من غير جنسهم لم تأخذهم الرقة عليهم كما لو كانوا من جنس واحد؛ لأنهم لا يعصون الله ما أمرهم، فدل على أنهم ليس عندهم محاباة ولا خروج عن عقوبة تكذيبهم، والملائكة تؤمن غائلتهم (١) في ذلك. وروي أنه لما نزلت {عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ} قال أبو جهل: ثكلتكم أمهاتكم أسمع ابن أبي كبشة يخبر أن خزنة جهنم تسعة عشر وأنتم الدهم (٢) أيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل منهم. فقال الأشد بن أسيد - وكان شديد البأس -: أنا أكفيكم سبعة عشر فاكفوني أنتم اثنين (٣٢١ /أ) فأنزل الله - تعالى -:


= ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٦/ ٢٨٢) للبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(١) الغائلة: الحقد الباطن اسم كالوابلة وفلان قليل الغائلة والمغالة، أي: الشر والجمع: الغوائل وهي الدواهي. والغيلة بالكسر: الخديعة والاغتيال، وقتل فلان غيلة أي: خدعة وهو أن يخدعه فيذهب به إلى موضع فإذا صار إليه قتله. ينظر: لسان العرب (غول).
(٢) الدهم: العدد الكثير، وقد دهمونا أي: جاءونا بمرة جماعة ودهمهم أمر إذا غشيهم فاشيا.
ينظر: لسان العرب (دهم)، النهاية في غريب الأثر (٢/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>