للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سل سبيلا فيها إلى جنة الخلد لتسقى شرابها سلسبيلا (١) و {عَيْناً} بدل من "زنجبيلا" وقيل: يمزج كأسهم بالزنجبيل بعينه. وقيل: يخلق الله فيه طعم الزنجبيل. و "عينا" على هذا القول مبدلة من "كأسا" كأنه قيل: ويسقون فيها كأسا كأس عين. شبهوا في حسنهم وصفاء ألوانهم بلؤلؤ حالة إخراجه من صدفه وهو أحسن حالاته وأجودها. وقوله: {وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ} ليس له مفعول ظاهر ولا مقدر، ومعناه:

أن بصر الرائي كيفما توجه لا يدرك إلا نعيما {وَمُلْكاً كَبِيراً} واسعا. يروى أن أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر في ملكه مسيرة ألف عام فيرى أقصاه كما يرى أدناه. وقيل: إذا رأى شيئا كان. وقيل: تسلم عليهم الملائكة وتستأذن عليهم. وقرئ "عاليهم" بسكون الياء، على أنه مبتدأ، خبره: ثياب سندس، أي: مما يعلوهم، وعاليهم بالنصب (٢) على أنه حال من الضمير في {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} أو في {حَسِبْتَهُمْ} أي: يطوف عليهم ولدان مخلدون عاليا للمطوف عليهم ثياب سندس {خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ} بالرفع؛ حملا على الثياب وبالجر؛ حملا على السندس، وقرئ "وإستبرق" نصبا (٣) في موضع الجر على منع الصرف؛ لأنه أعجمي وهو غلط؛ لأنه يدخله حرف التعريف (٤) {شَراباً طَهُوراً} {إِنَّ هذا} الذي تقدم ذكره {كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ} عملكم {مَشْكُوراً} عند الله يجازي عليه أحسن الجزاء وقد أكد خبر "إن" بقوله: {نَحْنُ}. {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ} أي: قضائه بتأخير القتال إلى أن يقوى الإسلام ويكثر أهله، وحينئذ يأمرك بالقتال. فإن قلت: لم قال {أَوْ كَفُوراً} ولم يقل:

"وكفورا"؟ قلت: لو قال "وكفورا" جاز طاعة أحدهما فإذا نهاه عن كل واحد امتنع


(١) ينظر في: الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٤٦)، والكشاف (٤/ ٦٧٢) ويروى في الدر:
سل سبيلا فيها إلى راحة النفس براح كأنها سلسبيل
(٢) قرأ نافع وحمزة وأبو جعفر "عاليهم" وقرأ الباقون "عاليهم".
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٩٩)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٥٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٣٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٤٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٦٤)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٧٣)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٦).
(٣) قرأ نافع وحفص عن عاصم "خضر وإستبرق"، وقرأ ابن كثير وشعبة عن عاصم "خضر وإستبرق، وقرأ أبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب" خضر وإستبرق "وقرأ حمزة والكسائي وخلف" خضر وإستبرق ". تنظر القراءات في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٣٩٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٧٤٠)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٤٨ - ٤٤٩)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٦٤)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٦٧٣)، معاني القرآن للفراء (٣/ ٢١٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٣٩٦).
(٤) قاله الزمخشري في الكشاف (٤/ ٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>