للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وروي: أنه ما عبس بعدها في وجه فقير قط (١).

{تَصَدّى} في الأخبار والانتقال من الغيبة إلى الخطاب دليل على إنكار ما وقع. وفي ذكر الأعمى نحو من ذلك. وكان يحب أن يزيده لعماه تعطفا؛ لأنه مصاب بناظريه، وتأدب الناس بهذا الأدب، فروي أن الفقراء كانوا في مجلس سفيان الثوري أمراء (٢). {وَما يُدْرِيكَ} ما يؤول إليه حال هذا الأعمى عند التزكية والطهرة. {أَوْ يَذَّكَّرُ} أو يتعظ. قرئ: "فتنفعه" بفتح العين (٣) بالنصب في جواب الترجي. وقيل: هو الكافر أي: أنك طمعت في أن يتطهر بالإسلام أو يذّكّر فتقربه الذكرى. {تَلَهّى} تتشاغل. قوله: {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدّى} {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهّى} فيه إشارة إلى الاختصاص، أي: أنت مع جلالة قدرك وشرفك بالنبوة حقيق بألا تفعل ذلك وإن فعله غيرك.

{كَلاّ إِنَّها تَذْكِرَةٌ (١١) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرامٍ بَرَرَةٍ (١٦) قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ (١٧)}

{كَلاّ} ردع للمزجور. {إِنَّها} إن آيات القرآن وهذه السورة {تَذْكِرَةٌ} {فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ} أي:

كان حافظا له غير ناس، وذكر الضمير؛ لأن التذكرة في معنى التذكير. {فِي صُحُفٍ} صفة ل‍


= في أي العاملين منهما يعمل في المعمول، الأول أم الثاني؟ فذهب البصريون إلى أن العامل هو الثاني؛ لقربه من المعمول. وذهب الكوفيون إلى أن العامل هو الأول؛ لسبقه. ولا يقع التنازع إلا بين فعلين متصرفين أو اسمين يشبهانهما، أو فعل متصرف واسم يشبهه، ولا يقع بين حرفين ولا بين حرف وغيره ولا بين جامدين ولا بين جامد وغيره. وإذا جاء الفعل الثاني لمجرد التقوية والتأكيد، فلا عمل له وإنما يكون العمل للأول ولا يكون حينئذ من باب التنازع. فعلى رأي البصريين يكون العامل في أَنْ جاءَهُ في هذه الآية: وَتَوَلّى. وعلى مذهب الكوفيين يكون العامل فيه عَبَسَ. واختار السمين الحلبي رأي البصريين ورد رأي الكوفيين وذكر علة ذلك فقال في الدر المصون (٦/ ٤٧٨):
"والمختار مذهب البصريين؛ لعدم الإضمار في الثاني". وتنظر المسألة في: الإنصاف لابن الأنباري (١/ ٨٧، المسألة ١٣)، أوضح المسالك لابن هشام (٣/ ١٨٦) شرح الأشموني على ألفية ابن مالك (٢/ ١٧٥)، همع الهوامع للسيوطي (٣/ ٩٤).
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٠١).
(٢) رواه أبو نعيم في حلية الأولياء (٨/ ٣٤٩)، وذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧٠١)
(٣) قرأ بها عاصم، وقرأ الباقون "فتنفعه" بالرفع. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٢٧)، الحجة لابن خالويه (ص: ٣٦٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٧٨)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٦٧٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>