للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"تذكرة" أي: هي في أيدي الملائكة منتسخة من اللوح المحفوظ. {مُكَرَّمَةٍ} عند الله.

{مَرْفُوعَةٍ} في السماء، أو مرفوعة المقدار. {مُطَهَّرَةٍ} منزهة عن أيدي الشياطين، ولا يمسها إلا أيدي الملائكة مطهرين {كِرامٍ} على الله أبرار. وقيل: هي صحف الأنبياء؛ كقوله:

{إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى} (١).

وقيل: السفرة: القراء. وقيل: أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. {قُتِلَ الْإِنْسانُ} دعاء عليه.

والقتل: أشد أنواع العذاب. {ما أَكْفَرَهُ} تعجب من إفراطه في كفران نعمة الله، ولا ترى أسلوبا (٣٣٠ /ب) أغلظ منه؛ لأن الله لا يعجب وإذا عجب من أمر فهو غاية العجب (٢).

ثم أخذ في وصف حاله، وفي وصف نشأته إلى أن انتهى.

{مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذا شاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلاّ لَمّا يَقْضِ ما أَمَرَهُ (٢٣) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ (٢٤) أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا (٢٥) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (٢٦) فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (٢٧) وَعِنَباً وَقَضْباً (٢٨) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (٢٩) وَحَدائِقَ غُلْباً (٣٠) وَفاكِهَةً وَأَبًّا (٣١) مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (٣٢) فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (٣٣)}

قوله: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} حقيرة؛ مهّن خلقه، ثم بين ذلك الشيء بقوله: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ} {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ} سبيل الثواب، يسر دخوله فيه وخروجه منه عند تكميل الخلق {ثُمَّ أَماتَهُ فَأَقْبَرَهُ} فجعل له قبرا يصون جيفته من السباع وهوامّ الطير. فلما فرغ من وصف الآدمي ونشأته شرع فيما خلقه مادة لبقائه، وهو إنبات الحب والعنب والقضب (٣) والزيتون والنخل والحدائق الغلب؛ كما قال: {مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ}

{أَنّا صَبَبْنَا الْماءَ} أضاف الصب إلى نفسه؛ لأنه بأمره، ويجوز أن يكون من شقها بالحرث.

والأب: المرعى؛ لأنه يؤب، أي: يؤم وينتج. والأب والأم أخوان، قال الشاعر:

جدّنا قيس ونجد دارنا ... ولنا الأبّ به والمكرع (٤)


(١) سورة الأعلى، الآية (١٨).
(٢) تقدم توضيح ذلك في تفسير سورة الصافات.
(٣) القضب: الرطبة، وأهل مكة يسمون القت القضبة، والقضب من الشجر: كل شجر سبطت أغصانه وطالت.
والقضب: ما أكل من النبات المقتضب عضا. ينظر: لسان العرب (قضب).
(٤) ينظر في: تفسير القرطبي (١٩/ ١٤٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٨٢)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٠٤)، لسان العرب (أبب).

<<  <  ج: ص:  >  >>