للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ (٣) وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ (٤) وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ (٥) وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ (٦) وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ (٧) وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ (٨) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ (٩)}

{سُيِّرَتْ} عن وجه الأرض وأبعدت. أو سيرت في الفضاء والجو. و {الْعِشارُ} جمع عشراء، وهي الناقة الحامل التي لها عشرة أشهر وهو من أنفس أموالهم وكانوا يطرحون عليها العود. {عُطِّلَتْ} يوم القيامة، ولم يفكر فيها صاحبها {حُشِرَتْ} جمعت من كل ناحية، قيل: يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص. وقيل: إذا قضي بينها ردت ترابا، فيقول الكافر وهو إبليس: {يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} (١). {سُجِّرَتْ} أوقدت أو ملئت. {زُوِّجَتْ} قرنت كل نفس لشكلها. وقيل: قرنت الأزواج بالآحاد. وقيل: قرنت نفوس المسلمين بالحور، والكافرين بالشياطين.

{وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ} وأديئد مقلوب من آد يؤود إذا أثقله الحمل. قال الله - تعالى -: {وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما} (٢). وكانت العرب إذا ولدت لهم بنت فإن أرادوا بقاءها ألبسوها ثوبا من شعر وجعلوها ترعى الإبل في البادية، وإن أرادوا قتلها صبر أبوها حتى تصير خماسية ثم يقول لأمها: طيبيها لأذهب بها (٣٣١ /ب) إلى أحمائها، وقد حفر لها حفيرة في تربة، فيأتي بها إليها، ويلقيها في الحفرة، ويلقي عليها التراب حتى تموت.

وقيل: كانت المرأة تتمخض (٣) على طرف الحفرة، فإن وضعت بنتا ألقتها في الحفرة، وإن وضعت ذكرا أبقته، وحملهم على ذلك إما خوف لحوق العار، وإما خشية الإملاق؛ لقوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ} (٤). فإن قلت: لم سئلت الموءودة عن سبب قتلها، ولا علم لها بذلك، والقياس: ذم الوائد الذي وأدها؟! قلت: سؤالها وجوابها تبكيت لقاتلها، كالتبكيت في قوله لعيسى: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ} (٥). وقرئ:


(١) سورة النبأ، الآية (٤٠).
(٢) سورة البقرة، الآية (٢٥٥).
(٣) تتمخض: من المخاض وهو وجع الولادة وكل حامل ضربها الطلق فهي ماخض، وقد مخضت تمخض مخاضا وإنها لتمخض بولدها وهو أن يضرب الولد في بطنها حتى تنتج فتمتخض.
ينظر: لسان العرب (مخض).
(٤) سورة الإسراء، الآية (٣١).
(٥) سورة المائدة، الآية (١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>