للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"سألت" (١) أي: خاصمت عن نفسها. أو سألت الله أو قاتلها.

{وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ (١٠) وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ (١١) وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ (١٢) وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ (١٤) فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوارِ الْكُنَّسِ (١٦)}

{وَإِذَا الصُّحُفُ} صحف الأعمال تطوى صحيفة الإنسان عند موته ثم تنشر يوم القيامة.

{وَإِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ} كشفت. والكشط والقشط لغتان، فأزيلت كما يكشط الإهاب عن الذبيحة. يقال: ليقت الثريد وليكته، والكفور والقفور.

{وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ} وتسعر النار على حسب عصيان العصاة في كثرته وقلته.

{أُزْلِفَتْ} أدنيت من المتقين. قيل: هذه ثنتا عشرة خصلة، ستة في الدنيا وستة في الآخرة. و {عَلِمَتْ} هو العامل في {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} وفيما عطف عليه. فإن قلت: قوله:

{عَلِمَتْ نَفْسٌ} كل أحد يوم القيامة يعلم ما أحضره؛ كقوله - تعالى -: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً} (٢) فما وجه قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ؟} قلت: هو من عكس كلامهم الذي يقصدون به عكس ظاهره؛ كقوله: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ} (٣) كلهم يتمنى ذلك ويوده.

وكقول الشاعر:

قد أترك القرن مصفرّا أنامله (٤) ....

أراد كثرة ذلك.

وقرئت هذه الآية في مجلس فيه ابن مسعود فقال: "وانقطاع ظهرياه" (٥).

{بِالْخُنَّسِ} الرواجع، فإن هذه الكواكب الخمسة وهي زحل والمشترى والمريخ والزهرة وعطارد ترجع في سيرها؛ لأن لها فلكا يدور غير الفلك الحامل، فهي تدور في الفلك


(١) قرأ بها علي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس والضحاك. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٨/ ٤٣٣)، تفسير القرطبي (١٩/ ٢٣٣)، الدر المصون للسمين الحلبي (٦/ ٤٨٦)، فتح القدير للشوكاني (٥/ ٣٨٩)، الكشاف للزمخشري (٤/ ٧٠٨).
(٢) سورة آل عمران، الآية (٣٠).
(٣) سورة الحجر، الآية (٢).
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة البقرة، الآية (١٤٤).
(٥) ذكره الزمخشري في الكشاف (٤/ ٧١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>