للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأدب: الانكفاف عن إطلاق نسبته إلى الله - تعالى - كما لا يقال: يا خالق الكلاب والذباب اغفر لي، وإن كان حقّا في نفسه.

{تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ} أي: ما نقص من أحدهما زاد في الآخر. وقيل: يغشي الليل النهار، ويغشي النهار الليل. {وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} أي: وتخرج المؤمن من الكافر.

وقيل: الآدمي من النطفة {وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ} الكافر من المؤمن. وقيل: النطفة من الحيوان. {بِغَيْرِ حِسابٍ} أي كثير.

{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ} يخصونهم بالمودة، أي: يطلعونهم على عورات المسلمين، ويودون لو ظهر الكفار على المؤمنين {وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَلَيْسَ مِنَ} ولاية {اللهِ فِي شَيْءٍ إِلاّ أَنْ تَتَّقُوا} ذلك في صحبتهم {وَيُحَذِّرُكُمُ اللهُ} عقوبته؛ فإن ذاته لا تخشى كما قال: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ} [الإسراء: ٥٧]. {وَيَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ} مستأنف، لا يجوز عطفه على جواب الشرط؛ لأن علمه بذلك ليس معلقا بإبدائنا وإخفائنا، ولو كان متعلقا به لكان مجزوما. قيل: الوقف على قوله: {مُحْضَراً}.

وقيل: بل الوقف على قوله: {وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ} لأن كليهما يحضر يوم القيامة (١).

وأما قوله: {تَوَدُّ} فهو خبر على القول الأول؛ لقوله: {وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ}. وعلى الثاني: حال، أي: وادّة. لكن يقوي الأول قوله: {لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً}؛ لأنها لا تود ذلك في الخير، فيختص وادّه بقسم ما عملت من سوء. والرأفة: أشد الرحمة. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ} تريدون محبة الله فأطيعوا رسوله يحببكم، ويغفر لكم. {فَإِنْ تَوَلَّوْا} يجوز أن يكون مضارعا مجزوما خطابا، وأن يكون ماضيا. قيل: يقال: آل زيد، ويعنون زيدا، ومنه: آل إبراهيم، وآل عمران. وقيل: آل إبراهيم: ذريته. وإن أريد بعمران: أبو موسي وهارون فهما آله، وإن أريد بعمران: أبو مريم، فآله يحيى وعيسى ومريم، وإن أريد بالعالمين:

عالمي زمانهم.

{إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)}

{إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي}


(١) ينظر: منار الهدى في الوقف والابتدا للأشموني (ص: ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>