للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللهُ وَاللاّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤)}

وقوله: {وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ} (١). استدل به أبو حنيفة على أن الحليف يرث السدس من مال محالفه، وعند الشافعي وغيره: أن آية المواريث نسخت ذلك (٢).

وقوله: {مِمّا تَرَكَ} أي: مما ترك المتوفّى، أو المولى عليه. وقوله: {الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ}

تفسير للمضمر بعد كل الذي جعل التنوين في كلّ بدلا عن الإضافة إليه (٣).

وقوله: {قَوّامُونَ عَلَى النِّساءِ} جاء في سببها أن رجلا كره من امرأته أمرا فلطمها لطمة طلب أهلها القصاص، فنزلت هذه الآية (٤). وإن خاف نشوز المرأة اقتصر على ضربها، فإن نشزت مرة واحدة وعظها وهجرها في الفراش. وهل له أن يضربها؟ فيه قولان، ولا يحل هجران كلامها أكثر من ثلاث، لا هي ولا غيرها، فإن تكرر منها النشوز جاز له ضربها، وقوله: {إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً} تعريض بالعفو عن المرأة، وعمن


(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب «عاقدت»، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف «عقدت». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٣/ ٢٣٨)، الحجة لابن خالويه (ص: ٢٣)، حجة أبي زرعة (٢٠١)، الدر المصون للسمين الحلبي (٢/ ٣٥٧)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٣٣)، الكشاف للزمخشري (١/ ٥٠٤)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٤٩).
(٢) ذهب أبو حنيفة وأصحابه وروي عن أحمد في رواية عنه إلى التوارث بالحلف، وذهب الجمهور ومالك والشافعي وأحمد في المشهور عنه إلى رد ذلك. ينظر: بدائع الصنائع للكاساني (٤/ ٧)، المبسوط للسرخسي (٦/ ٤٩)، المغني لابن قدامة (٧/ ٨٣).
(٣) قال ابن عاشور في تفسيره التحرير: والتنوير (١/ ٩٣٩): «وشأن كل إذا حذف ما تضاف إليه أن يعوض التنوين عن المحذوف فإن جرى في الكلام ما يدل على المضاف إليه المحذوف قدر المحذوف من لفظه أو معناه، فيجوز أن يكون المحذوف مما دل عليه قوله قبله (للرجال نصيب) و (للنساء نصيب) فيقدر: لكل من خلقه الله إنسانا من رزق الله أي حظ من رزق الله أو: ولكل أحد جعلنا موالي مما ترك أي وراثا مما ترك على أن من صلة موالي لأنهم في معنى الوراث وفي ترك ضمير كل ثم فسر الموالي بقوله: «الوالدان والأقربون» كأنه قيل: من هم؟ فقيل: الوالدان والأقربون.
وينظر في ذلك أيضا: الدر المصون للسمين الحلبي (٢/ ٣٥٦)، روح المعاني للألوسي (٥/ ٢١).
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٥٨)، ونسبه السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٥١٢) لعبد بن حميد عن الحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>