للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكقوله [من الوافر]:

أنا ابن جلا وطلاع الثّنايا ... متى أضع العمامة تعرفوني (١)

المعنى: بكفي رجل كان، وأنا ابن رجل جلا، فحذف الموصوف، مع أن الصفة جملة وحكى ابن السراج عن العرب: ما منهما مات حتى جرى له كذا (٢).

وقوله تعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ} [البقرة: ٩٦] أي: قوم، أو فريق.

{يُحَرِّفُونَ} يزيلون {الْكَلِمَ} المنزلة في التوراة والإنجيل {عَنْ مَواضِعِهِ} التي يجب تقريره فيها. وأما قوله: {مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ} [المائدة: ٤١] فالتقدير: يحرفون الكلم بعد استقرارها في مواضعها المرادة بها. {لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ} أصله من لوى يلوي لويا، اجتمعت الواو والياء، وسبقت إحداهما بالسكون، فقلبت الواو ياء، وأدغمت الأولى في الثانية، ومثله: كوى كيّا، وشوى شيّا، وحوى حويّا. وعكسه: سيد وميت، أصله: سيود، وميوت.

سبقت الياء بالسكون، فقلبت الواو وأدغمت.

وقوله: {غَيْرَ مُسْمَعٍ} يوهمون أن المراد: غير مسمع ما تكره، وهم يريدون: اسمع لا سمعت. {إِلاّ قَلِيلاً} إلا إيمانا ببعض وكفرا ببعض وأولئك هم الكافرون حقا.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً (٤٧) إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (٤٨) أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (٤٩) اُنْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (٥٠)}

روي: «أن كعب الأحبار لما سمع قوله - تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا} الآية أسرع بالاجتماع بالمسلمين وأسلم، وقال: خشيت أن يحول وجهي إلى قفاي قبل أن أصل إلى المسلمين». {كَما لَعَنّا أَصْحابَ السَّبْتِ} حين مسخوا قردة.

وقوله: {أَصْحابَ السَّبْتِ} أي: الذين اعتدوا في السبت، فنسب السبت إليهم.


(١) تقدم تخريج البيت عند تفسير الآية (٩٦) من سورة البقرة.
(٢) ينظر: الأصول في النحو لابن السراج (١/ ٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>