للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناظر [من الوافر]:

وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السّقيم (١)

كان المنافقون يلقون في عسكر المسلمين أخبارا ردية عن السرايا، ويذيعون ذلك، فيحصل الوهم في قلوب المؤمنين، وكان ينبغي إذا اطلعوا على خبر أن يطلعوا عليه أكابر الصحابة وأمراء الأجناد، فيعلمون صحته أو فساده، ويعلمون ما ينبغي أن يذاع منه وما ينبغي أن يخفى. والاستنباط: إخراج الماء بالحفر عليه. {لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً} هذا يوهم أن ثم قليلا استغنوا عن فضل الله ورحمته، ومعاذ الله من ذلك، بل التقدير: أذاعوا به إلا قليلا، أو لعلمه الذين يستنبطون إلا قليلا. أو لكان أكثركم (٢٧ /أ) يتبعون الشيطان، لكن فضل الله ورحمته صار بها جعل اتباع الشيطان أقل، واتباع الحق أكثر.

{مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥) وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً (٨٧) فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩)}

ادعى بعض المفسرين أن النصيب يستعمل في الخير والشر، وأن الكفل لا يستعمل إلا في الشر، واحتج بهذه الآية، ويرد عليه قوله: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ} (٢).


(١) البيت للمتنبي، ينظر في: خزانة الأدب للبغدادي (١/ ١٩٢)، روح المعاني للألوسي (١/ ١٦)، قرى الضيف لابن أبي الدنيا (١/ ١٥٨) ط. أضواء السلف - الرياض - ١٩٩٧ م - تحقيق عبد الله المنصور.
(٢) سورة الحديد، الآية (٢٨) قال الألوسي في روح المعاني (٥/ ٩٨): «كفل منها أي: نصيب من وزرها» وبذلك فسره السدي والربيع وابن زيد وكثير من أهل اللغة فالتعبير بالنصيب في الشفاعة الحسنة وبالكفل في الشفاعة السيئة للتفنن وفرق بينهما بعض المحققين بأن النصيب يشمل الزيادة والكفل هو المثل المساوي فاختيار النصيب أولا لأن جزاء الحسنة يضاعف والكفل ثانيا لأن من جاء بالسيئة لا يجزى إلا مثلها ففي الآية إشارة إلى لطف الله - تعالى - بعباده وقال بعضهم: إن الكفل وإن كان بمعنى -

<<  <  ج: ص:  >  >>