للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أكرم أب، فزيد أب، وهو أكرم الآباء. وإن قلت: زيد أكرم أبا، فلزيد أب وأبوه أكرم الآباء. ففي هذه الآية كأنه حصل للخشية خشية مجازا، كقولهم: شعر شاعر، وذيل ذايل (١).

{لَوْلا أَخَّرْتَنا} هلا أخرتنا. {بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} أي: عالية. وقيل: مبنية بالشيد وهو الجير {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ} أي: نعمة ورخاء؛ كقوله: {وَبَلَوْناهُمْ} [الأعراف: ١٦٨] ليس المراد بالحسنة الطاعة، ولا بالسيئة المعصية {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ} يتشاءمون به، ويقولون: ما أصابنا هذا السوء إلا منك حين جئتنا؛ كقول ثمود لصالح: {اِطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ} [النمل: ٤٧].

وكقول أهل أنطاكية لأصحاب عيسى: {إِنّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا} [يس: ١٨].

{ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٧٩) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (٨٠) وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً (٨١) أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (٨٢) وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاّ قَلِيلاً (٨٣) فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلاّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (٨٤)}

{ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ} أي: من نعمة وعافية ورخاء {فَمِنَ اللهِ} وأنت لا تستحقه {وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} أي: من شدة ومرض وقحط فمن نفسك أي: بذنوب أتيتها، فعوقبت عليها بذلك {وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠] {وَمَنْ تَوَلّى} فعاقبه الله، ولست بمسؤول عنه {فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} {وَيَقُولُونَ} أمرنا {طاعَةٌ} {وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً} لكنه كتاب أحكمت آياته، وما نظر المقصر من أن فيه اختلافا في بعض المواضع فهو من سوء فهم


(١) ينظر تفصيل ذلك في: الدر المصون للسمين الحلبي (٣٩٧، ٢/ ٣٩٦)، الكشاف للزمخشري (١/ ٥٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>