للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاّ خَطَأً} قيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة (١) قتل رجلا كان يعذب عياشا على إسلامه، فضربه عياش، ولم يشعر بأنه أسلم (٢).

وقيل: في أبي الدرداء (٣) قتل رجلا من المشركين بعد أن قال: لا إله إلا الله، فشك في إسلامه، هل هو خوفا من السيف، أو رغبة في الإسلام (٤). وفي قوله: {رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} قولان: أحدهما: أنه أراد الإيمان حقيقة، فلا يقبل في الرقبة إلا من بلغت وآمنت وصلّت وصامت. والثاني: تقبل من حكم بإيمانها، فيجزئ عتق الصغير الذي حكم بإسلامه تبعا لأبويه. {وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ} أي: عقد ذمة. والثاني: أمان.

والثالث: أنه عام في كل ما يمنع القتل؛ كمجيء الحربي في رسالة أو تجارة.

قوله - تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ} وصوم الشهرين بدل من العتق خاصة. قال الماوردي (٥): وعن مسروق (٦): أن صوم الشهرين بدل من الدية والعتق معا (٧).

{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (٩٣)}


(١) هو عياش بن أبي ربيعة واسم أبي ربيعة عمرو بن المغيرة بن عبد الله القرشي ابن عم خالد بن الوليد وكان عياش أخا لأبي جهل بن هشام لأمه وعذبه أبو جهل على إسلامه. وكان عياش من السابقين في الإسلام، وهاجر الهجرتين، توفي سنة ١٥ هـ‍. تنظر ترجمته في: الاستيعاب لابن عبد البر (٣/ ١٢٢، ١٢٣)، الإصابة لابن حجر (٣/ ٤٧).
(٢) رواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ١٧٤، ١٧٣) رقم (٣٤٣)، والبيهقي في السنن الكبرى (٨/ ٧٢)، وقال: رويناه من حديث جابر موصولا، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٢/ ١٩) لابن المنذر.
(٣) هو عويمر بن عامر بن زيد بن قيس من بني عدي بن كعب بن الخزرج، تأخر إسلامه قليلا، وكان آخر أهل داره إسلاما، وكان فقيها حكيما شهد ما بعد أحد من المشاهد. توفي سنة ٣١ هـ‍ وقيل: ٣٢ هـ‍.
(٤) رواه الطبري في تفسيره (٤/ ٢٠٤).
(٥) هو علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الإمام الفاضل الفقيه الشافعي، سمي الماوردي نسبة إلى بيع ماء الورد، وقد اشتهر بها ونسب إليها، وهو صاحب التصانيف الحسان منها التفسير والحاوي في الفقه الشافعي والأحكام السلطانية وغيرها. توفي سنة ٤٠٥ هـ‍. تنظر ترجمته في: تاريخ بغداد (١٢/ ١٠٢)، طبقات الشافعية للسبكي (٥/ ٢٦٧)، شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي (٣/ ٢٨٦).
(٦) هو مسروق بن الأجدع بن مالك الهمداني الكوفي أبو عائشة، أحد الأعلام، روى عن أبي بكر ومعاذ وابن مسعود توفي سنة ٦٣ هـ‍.
تنظر ترجمته في: تهذيب التهذيب (١٠/ ١٠٩)، طبقات الحفاظ (ص: ١٤١).
(٧) ينظر: النكت والعيون للماوردي (١/ ٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>