للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} قيل: نزلت في مقيس بن صبابة (١) قتل أخوه وصولح على الدية فأخذها، ورضي بها، ثم وجد قاتل أخيه، فقتله فأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بقتل مقيس، وإن كان متعلقا بأستار الكعبة، فوجد كذلك فقتل (٢).

وابن عباس يرى أن القاتل عمدا لا تقبل توبته (٣) وظاهر كلام ابن زيد موافقته (٤).

وقال: نزلت الآية الشديدة، يعني: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً} بعد الهدنة، يعنى: قوله: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً (٦٨) يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهاناً (٦٩) إِلاّ مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً} (٧٠) [الفرقان: ٦٨ - ٧٠]. وكان قد ظن آية النساء ناسخة لآية الفرقان، وهذا ليس بنسخ، بل هو تقييد مطلق، والتقدير: فجزاؤه جهنم خالدا فيها إن لم يتب.

{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ} نزلت في سرية بعثهم النبي صلّى الله عليه وسلم إلى طائفة من الكفار، فنزل رجل منهم إلى المسلمين، فقال: السلام عليكم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، أنا مسلم، فقتلوه (٣٨ /أ) وأخذوا غنيمات له فلما رجعوا، وأخبر النبي صلّى الله عليه وسلم بالحال قال لقاتله: لم قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله؟! فقال: يا رسول الله، إنما قالها تعوذا. فقال:

هلا شققت عن قلبه؟! ثم حمل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ديته إلى ورثته، وأعاد عليهم غنمه (٥). واختلفوا في القاتل من هو؟


(١) هو مقيس بن صبابة من بني كلب بن عوف بن كعب، كان شاعرا وقد قتله ابن عمه نميلة بن عبد الله بعد إهدار الرسول صلّى الله عليه وسلم دمه.
تنظر ترجمته في: تاريخ الإسلام للذهبي (١/ ٣١١)، جمهرة الأنساب (ص: ١٨٢).
(٢) رواه الواحدي في أسباب النزول (ص: ١٧٤) رقم (٣٤٤)، وأبو داود رقم (٢٣٠٩)، والنسائي في سننه رقم (٣٩٠٠)، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور (٤/ ٣٥١) لابن أبي شيبة وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص. وفي سنده الكلبي وهو ضعيف.
(٣) رواه الطبري في تفسيره (٥/ ٢١٨ - ٢١٩).
(٤) ابن زيد هو خارجة بن زيد بن ثابت وقد روى الطبري في تفسيره (٥/ ٢٢٠) بسنده عن أبي الزناد عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت قال: نزلت سورة النساء بعد سورة الفرقان بستة أشهر.
(٥) رواه البخاري رقم (٤٥٩١)، ومسلم رقم (٣٠٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>