{يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ} بعد أن أتيتهم بآيات تدل على صدقه وادعاء النبوة، فلا وجه لاقتراحهم آيات أخر، كما لو قامت بينة على خصم بحق فقال: أريد أن يشهد فلان وفلان فإنه لا يسمع منه هذا الاقتراح بعد قيام البينة.
{فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ} تعنتا بعد رؤيتهم انفراق البحر، وانقلاب العصا حية، واليد السمراء بيضاء، من غير سوء.
وأصل أرنا: أرءنا، حذفت الهمزة؛ لكثرة دورانها على الألسنة، كما حذفت في قوله يرى، وأصله: يرءى، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء التي قبلها، فصارت أرنا {جَهْرَةً} عيانا {فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ} توهّم الزمخشري (١) أن رميهم بالصاعقة كان عقوبة لهم لسؤالهم الرؤية المستحيلة عنده، وإنما هو لتعنتهم، وطلب آيات أخر بعد رؤية الآيات السابقة.
{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} إلها {مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ} بأن الله - تعالى - ليس بجسم، ولا مصور. وقوله:{فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ} أي: أخرنا عقوبته وإلا فالله - تعالى - لا يعفو عن الشرك إلا بالإسلام. {وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً} حجة {مِيثاقاً غَلِيظاً} عهدا مؤكدا. (ما) في فبما: زائدة.
أي: فبنقضهم ميثاقهم. مضى الكلام في قوله:{قُلُوبُنا غُلْفٌ}[البقرة: ٨٨] هل هي جمع أغلف، أي: لا نفهم ما تقول. أو جمع غلاف، أي: قلوبنا أوعية للعلم حافظة فلا حاجة إلى ما جئت به.