للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{اُدْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (١٥٤) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاّ قَلِيلاً (١٥٥) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (١٥٦)}

{يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ} بعد أن أتيتهم بآيات تدل على صدقه وادعاء النبوة، فلا وجه لاقتراحهم آيات أخر، كما لو قامت بينة على خصم بحق فقال: أريد أن يشهد فلان وفلان فإنه لا يسمع منه هذا الاقتراح بعد قيام البينة.

{فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ} تعنتا بعد رؤيتهم انفراق البحر، وانقلاب العصا حية، واليد السمراء بيضاء، من غير سوء.

وأصل أرنا: أرءنا، حذفت الهمزة؛ لكثرة دورانها على الألسنة، كما حذفت في قوله يرى، وأصله: يرءى، ثم نقلت حركة الهمزة إلى الراء التي قبلها، فصارت أرنا {جَهْرَةً} عيانا {فَأَخَذَتْهُمُ الصّاعِقَةُ} توهّم الزمخشري (١) أن رميهم بالصاعقة كان عقوبة لهم لسؤالهم الرؤية المستحيلة عنده، وإنما هو لتعنتهم، وطلب آيات أخر بعد رؤية الآيات السابقة.

{ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} إلها {مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ} بأن الله - تعالى - ليس بجسم، ولا مصور. وقوله: {فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ} أي: أخرنا عقوبته وإلا فالله - تعالى - لا يعفو عن الشرك إلا بالإسلام. {وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً} حجة {مِيثاقاً غَلِيظاً} عهدا مؤكدا. (ما) في فبما: زائدة.

أي: فبنقضهم ميثاقهم. مضى الكلام في قوله: {قُلُوبُنا غُلْفٌ} [البقرة: ٨٨] هل هي جمع أغلف، أي: لا نفهم ما تقول. أو جمع غلاف، أي: قلوبنا أوعية للعلم حافظة فلا حاجة إلى ما جئت به.

{وَقَوْلِهِمْ إِنّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (١٥٨)} {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ}


(١) ينظر: الكشاف (١/ ٥٨٥) وعبارة الزمخشري: بظلمهم: بسبب سؤالهم الرؤية، ولو طلبوا جائزا لما سموا ظالمين ولما أخذتهم الصاعقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>