للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا ولدت الناقة خمسة أبطن: بحروا أذنها أي: شقوها وحرموا ركوبها، ولا تطرد عن ماء ولا مرعى، وكانوا ينذرون إن شفى الله مريضه أن يجعل ناقته سائبة على حكم البحيرة في عدم الانتفاع، وكانوا في الجاهلية يعتقون سائبة، يعني بغير ولاء، وكانوا إذا ولدت الناقة أنثى فهو لهم، وإن ولدت ذكرا فهو لآلهتهم، وإذا ولدت ذكرا وأنثى قالوا: وصلت أخاها، وإذا نجب من ظهر الفحل عشرة أبطن قالوا: قد حمي ظهره، فلا يركب، ولا يحمل عليه، ويسمونه: الحامي، فأبطل الله جميع ذلك وهذه أحكام ما نزل الله بها من سلطان، وهم مقبلون عليها. {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ} أعرضوا، أو يتبعون أهواءهم {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً}.

{عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} نصب على الإغراء، أي: ألزموها الخير. قوله: {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} من الاهتداء للأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فمن تركهما ضرّه تركهما. روي أن تميما (١) وعدي بن بدّاء (٢) سافرا مع رجل مسلم في تجارة، فحضرت المسلم الوفاة في الطريق، فجعل تجارته في عدل كبير، وكتب جملته وتفصيله في ورقة وتركهما في العدل، ثم سلم العدل إلى الرجلين؛ ليوصلاه إلى أهله، ولم يشعرهما بالورقة (٣). فقوله: {شَهادَةُ بَيْنِكُمْ} أي: ليحضر الوصية اثنان.

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللهِ إِنّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (١٠٦)} {فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ}


(١) هو أبو رقية تميم بن أوس بن خارجة الداري، صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلم والدار: بطن من لخم ولخم فخذ من يعرب بن قحطان، كان نصرانيا فأسلم سنة تسع من الهجرة، وكان عابدا تلاّء لكتاب الله، سكن المدينة، ثم انتقل منها إلى الشام بعد مقتل عثمان رضي الله عنه. تنظر ترجمته في: الاستيعاب لابن عبد البر (١/ ١٩٣)، سير أعلام النبلاء للذهبي (٢/ ٤٤٢).
(٢) هو عدي بن بدّاء - بتشديد الدال قبلها موحدة مفتوحة - لا يعرف له إسلام. قال ابن عطية: لا يصح لعدي عندي صحبة، وقد وضعه بعضهم في الصحابة، قال الحافظ ابن حجر: ولا وجه لذكره عندي، ومات عدي بن بداء نصرانيا. تنظر ترجمته في: الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر (٤/ ٤٦٨).
(٣) رواه البخاري في صحيحه رقم (٢٧٨٠)، وأبو داود في سننه رقم (٣٦٠٦)، والترمذي في سننه رقم (٣٠٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>