للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{اِسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنّا إِذاً لَمِنَ الظّالِمِينَ (١٠٧)}

{أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} عند أبي حنيفة: من غير أهل ملتكم، فتقبل شهادة أهل الذمة في السفر عنده، وعند الشافعي: من غير قبيلتكم (١).

{ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} سافرتم. {تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ} يريد بعد صلاة العصر، والريبة: هو أن وجدت الورقة في العدل فقابلوا بها ما حضر، فعدم منه إناء من فضة مخوض بالذهب، فقال الرجلان الوصيان: ما نعرف ذلك.

فحلّفوهما، بعد ذلك وجد الجام (٢) عند رجل في السوق يبيعه، فقيل له: من باعك هذا؟ فقال: تميم وعدي بن بداء (٣) فهو معنى قوله: {فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقّا إِثْماً} حلف الورثة أن الجام ملكهم. وقوله: {فَآخَرانِ} خبر مقدم. والأوليان: تثنية الأولى هو المبتدأ، تقديره: فالأوليان آخران يقومان مقامهما. واعلم أن هذا الحكم موافق للقواعد الشرعية، فإن القول قول من يترجح جانبه مع يمينه، فإذا ادّعى عليك دين، فالقول قولك مع يمينك؛ لأن الأصل البراءة فإن كانت العين في يدك، فالقول قولك مع يمينك؛ لأن اليد مرجحة، فإن شهد بذلك شاهد واحد فالقول قولك مع يمينك؛ لأن جانبك ترجح بالشهادة، وهاهنا ترجح جانب الورثة بظهور الجام الذي أنكره الرجلان ثم بقول المشتري:

أنه اشتراه من الرجلين المذكورين فحلف الورثة واستحقوا.

وقوله: {لَشَهادَتُنا} أي: يميننا أحق من أيمانهم {ذلِكَ} أي الحكم برد اليمين أقرب إلى {أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ} إذا عثر على أنهما استحقا إثما. إنما قالوا: {لا عِلْمَ لَنا} وقد علموا أن الأمم كذبوهم؛ لأنهم دهشوا من هول الموقف. وقيل: تأدبوا مع الله؛ لأنه عالم الخفيات.


(١) ينظر: الأم للشافعي (٦/ ١٩١)، بدائع الصنائع للكاساني (٢/ ٥٢٤)، المبسوط للسرخسي (٧/ ٤٩٢)، المغني لابن قدامة (١٠/ ١٦٩).
(٢) الجام: إناء للشراب والطعام من فضة أو نحوها وقد غلب استعماله في قدح الشراب.
ينظر: لسان العرب (جوم).
(٣) رواه ابن جرير في التفسير (٧/ ١١٥)، والواحدي في أسباب النزول (ص: ٢١٥)، رقم (٤٢١)، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور (٢/ ٢٤٢) لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>