للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الكفر؛ لقوله: {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ} (١) {فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ} فإن الله غني عنهم، فقد وكل {بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ} كقوله: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا} (٢) قال العلماء: لم يكن النبي صلّى الله عليه وسلم متعبدا بشريعة أحد من الأنبياء قبل النبوة ولا بعدها؛ لأنه لو كان كذلك لاجتمع بعلماء تلك الشريعة وسألهم عن أوضاعها، وهذا هو الأصح. وقيل: تعبد بشريعة الجميع؛ لقوله بعد عدد من الأنبياء هنا: {أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} وقيل: تعبد بشريعة إبراهيم؛ لقوله: {ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} (٣) وقيل: بشريعة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى لقوله - تعالى:

{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحاً} (٤) الآية. الهاء في {اِقْتَدِهْ} للسكت؛ كقوله:

{وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ} (٥) {هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ} (٦) هي بهذا الموضع أحق؛ لأنها كالعوض من حرف العلة المحذوف.

{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ} أي: على التبليغ، ويدل عليه السياق. {تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ} مفرقة حتى تكون بصدد الضياع.

وقوله: {قُلِ اللهُ} احتج به قوم على ما يعتمدونه من ذكر الله غير موصوف بصفة من صفاته، فيقولون: الله، الله، الله، ولا حجة فيه؛ لأن قوله: {قُلِ اللهُ} جواب لقوله:

{قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ} فإن لم يجيبوك فقل أنت: الله، فإعراب اسم الله في قوله: {اللهَ} مبتدأ، التقدير: الله أنزله. يرد على من قال من المتأخرين: إن النكرة إذا وصفت بجمل ومفردات تعينت البداية بالمفردات فتقول: مررت برجل فاضل يكتب، ولا تقول: برجل يكتب فاضل. وقد جاء القرآن بخلافه: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ} (٧) وقال هاهنا:

{وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} الذي مضى قبله من التوراة والإنجيل


(١) سورة البقرة، الآية (٢١٧).
(٢) سورة فصلت، الآية (٣٨).
(٣) سورة النحل، الآية (١٢٣).
(٤) سورة الشورى، الآية (١٣).
(٥) سورة القارعة، الآية (١٠).
(٦) سورة الحاقة، الآية (٢٩).
(٧) سورة المائدة، الآية (٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>