للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسائر الكتب المنزلة؛ لتقرأه ولتنذر به، أو لتنذر فعلنا ذلك، أو: فعلنا ذلك لتنذر به {أُمَّ الْقُرى} مكة. {وَمَنْ حَوْلَها} جميع العالم.

{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ (٩٣) وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤) إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنّى تُؤْفَكُونَ (٩٥)}

{وَلَوْ تَرى إِذِ الظّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ} هذه الآية بجملتها دالة على كيفية تقاضي الملائكة إخراج روح الكفار بالعنف والغلظة، كما يقول صاحب الدين الألد لغريمه: أدّ حقي إليّ وإلا نزعته من أحداقك.

{وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ} فيه منتقلا عنكم، فهو كالمخلف قبل الظّهر. والبين: الوصل، كقوله: {وَجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً} (١) أي: وجعلنا تواصلهم في الدنيا مهلكا. فالمعنى هاهنا:

لقد تقطعت أسباب وصلكم. ومن قرأ «بينكم» بالنصب (٢)، فقوله: {وَضَلَّ عَنْكُمْ} معطوف على تقطّع والفاعل {ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} وقد تنازعه {تَقَطَّعَ} {وَضَلَّ}. وإن قيل: لم قال {وَمُخْرِجُ} ولم يقل: (ويخرج)؟ قلت: لأن قوله: {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ} تفسير ل‍ {فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى} أي: إن الله فالق الحب والنوى بإخراج الحي من الميت.

وأما قوله: {وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ} فهو معطوف على قوله: {فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى} وهو عطف اسم فاعل على اسم فاعل، وهو أنسب (٣).


(١) سورة الكهف، الآية (٥٢).
(٢) قرأ ابن كثير وابن عامر وحمزة وأبو عمرو وأبو بكر عن عاصم وخلف ويعقوب «بينكم»، وقرأ باقي العشرة «بينكم». تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ١٨٢)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٤٥)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ١٢٦)، السبعة لابن مجاهد (ص: ٢٦٣)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٢٨)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٦٠).
(٣) هذه مسألة خلافية حيث أجاز بعض النحاة عطف الاسم على الفعل إذا اتحد المعطوف والمعطوف عليه -

<<  <  ج: ص:  >  >>