للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{أَجَّلْتَ لَنا قالَ النّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاّ ما شاءَ اللهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (١٢٨) وَكَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (١٣٠)}

يطلق المثل ويراد به الصفة؛ كقوله: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ} (١) أي: هذه صفتها، كذلك قوله: {فَلا تَضْرِبُوا لِلّهِ الْأَمْثالَ} (٢) ثم قال: {وَلِلّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى} (٣) أي:

الصفة العليا.

الياء في {مُجْرِمِيها} إما علامة الجر بالإضافة، وإما علامة النصب بالمفعولية. أي:

جعلنا مجرميها أكابر. والصغار: الذل. {كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ} كأنما يحاول أمرا معجوزا عنه، والرّجس ها هنا: العذاب.

و {دارُ السَّلامِ} الجنة، سميت بذلك؛ لأنها دار الله، والله هو السلام، أو دار السلام من الآفات، أو دار يحيي بعضهم بعضا بالسلام، وتحييهم الملائكة حين يدخلون عليهم من كل باب. ويحييهم الله - عز وجل - بالسلام: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} (٤).

{يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ} واتخذتموهم أتباعا. وقيل: المراد: استعاذة الإنس بالجن على ما يأتي شرحه في سورة {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ} (٥).

{إِلاّ ما شاءَ اللهُ} هو مسافة تحويلهم من الجحيم إلى الزمهرير. وقيل: من الجحيم إلى الحميم {هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ (٤٣) يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ} (٦) ومثل ذلك القول {نُوَلِّي بَعْضَ الظّالِمِينَ بَعْضاً}.


(١) سورة محمد، الآية (١٥).
(٢) سورة النحل، الآية (٧٤).
(٣) سورة النحل، الآية (٦٠).
(٤) سورة يس، الآية (٥٨).
(٥) يعني سورة الجن، وذلك عند تفسير قوله - تعالى: وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً، الآية (٦) وقد فسره المصنف هناك كما قال، وقد جعلنا هذه النقطة من أدلة نسبة التفسير بكامله للسخاوي - رحمه الله تعالى.
(٦) سورة الرحمن، الآيتان (٤٤، ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>