للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْكِتابُ لَكُنّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللهِ وَصَدَفَ عَنْها سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنا سُوءَ الْعَذابِ بِما كانُوا يَصْدِفُونَ (١٥٧) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاّ أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنّا مُنْتَظِرُونَ (١٥٨) إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّما أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ (١٥٩) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاّ مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٦٠) قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٦١)}

أشار إلى أن الوفاء بمقتضى الوزن يعسر جدّا، فإن بين الحبتين تفاوتا لا ينضبط وكذلك الكيل، فيعفى عما لا يتأتى ضبطه، من ذلك نبه على ذلك بقوله: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} قوله: {ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ} أتى ب‍ «ثم» ليدل على تفاوت الرتب؛ فإن إيتاء موسى الكتاب يتضمن من المصالح والحكم أكثر مما تضمنته هذه الآيات الثلاث {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} موسى في عبادة ربه. وقيل: على الذي أحسن الله إليه بتوفيقه لها. وفي الشاذ {تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} بضم النون (١) أي: تماما على الذي هو أحسن {وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ} يحتاج إليه.

وقوله: {مُبارَكٌ} أي: مبارك فيه، تقول: باركك الله، ويدل عليه قوله: {أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النّارِ وَمَنْ حَوْلَها} (٢) وقياس: بارك الله فيك أن تقول: بورك فيمن في النار، وفيمن حولها. {أَنْ تَقُولُوا} أي: كراهة أن تقولوا. وقيل: لئلا تقولوا، والمراد بالكتاب: التوراة والإنجيل {لَوْ أَنّا} أي: لو ثبت لنا؛ فإن «لو» تطلب الفعل، وأن في موضع رفع بالفاعلية، والفاء في قوله: {فَقَدْ جاءَكُمْ} مثلها في قول الشاعر [من البسيط]:

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ... ثمّ القفول فقد جئنا خراسانا (٣)


(١) قرأ بها الحسن والأعمش ويحيى بن وثاب وابن أبي إسحاق. تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٢٥٥)، تفسير القرطبي (٧/ ١٤٢)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٢٢١)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٤٩)، المحتسب لابن جني (١/ ٢٣٤)، معاني القرآن للفراء (١/ ٣٦٥).
(٢) سورة النمل، الآية (٨).
(٣) تقدم عند تفسير سورة المائدة، الآية (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>