للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَصَدَفَ} أعرض. لما كانوا بصدد وقوع إتيان الملائكة، وما بعده من التهديد، جعلوا منتظرين لهم وإن لم يكونوا منتظرين، التقدير: أو يأتي أمر ربك {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ} من طلوع الشمس من مغربها، أو خروج الدابة، لا ينفع نفسا لم تكن آمنت من قبل إيمانها، ولا نفسا لم تكسب في إيمانها خيرا كسبها. وقوله: {لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ} في موضع نصب صفة ل‍ «نفسا». {شِيَعاً} أضرابا يشايع بعضهم بعضا في الباطل.

{لَسْتَ} من عقائدهم الفاسدة وأعمالهم الخبيثة {فِي شَيْءٍ} {مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها} هذا أقل المضاعفة، وإن شاء ضاعفها إلى سبعمائة، كما في قوله: {أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ} الآية (١) {دِيناً} نصب على القطع. و {حَنِيفاً} حال من المضاف إليه، وهو إبراهيم. والحال من المضاف إليه قليل؛ لأنه لم يأت إلا لتعريف المضاف، وليس أحد جزئي الكلمة (٢).

{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٦٢) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (١٦٣) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (١٦٤) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٦٥)}


(١) سورة البقرة، الآية (٢٦١).
(٢) تجيء الحال من المضاف إليه بشروط ثلاثة: أحدها: أن يكون المضاف عاملا عمل الفعل. والثاني: أن يكون جزءا نحو: وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً والثالث: أن يكون كالجزء؛ كهذه الآية؛ لأن إبراهيم لها لازمها تنزلت منه منزلة الجزء. والنحويون يستضعفون مجيئها من المضاف إليه، ولو كان المضاف جزءا، قالوا: لأن الحال لا بد لها من عامل، والعامل في الحال هو العامل في صاحبها، والعامل في صاحبها لا يعمل عمل الفعل. ومن جوز ذلك قدر العامل فيها معنى اللام أو معنى الإضافة، وهما عاملان في صاحبها عند هذا القائل. وفي إعراب حنيفا أوجه أخرى، منها: النصب بإضمار فعل، أي: نتبع حنيفا، وقدره أبو البقاء العكبري ب‍ «أعني»، وهو قول الأخفش الصغير وجعل الحال خطأ. النصب على القطع، وهو رأي الكوفيين، وكان الأصل عندهم: إبراهيم الحنيف، فلما نكره لم يمكن اتباعه. النصب على الحال من ملة وتكون حالا لازمة؛ لأن الملة لا تتغير عن هذا الوصف. وهذا الأخير الذي اختاره السمين الحلبي في الدر المصون (١/ ٣٨٣ - ٣٨٤) وينظر في ذلك: أوضح المسالك لابن هشام (٢/ ٣٢٤)، شرح ابن عقيل للألفية (٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨)، الكشاف للزمخشري (١/ ١٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>