للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{هَدانا لِهذا وَما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدانَا اللهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤٣) وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظّالِمِينَ (٤٤)}

(ما) في {إِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ} زائدة، وقوله: {فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ} شرط جوابه {فَلا خَوْفٌ} وهذا الشرط وجوابه جواب {إِمّا يَأْتِيَنَّكُمْ}. {نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ} أي: مما كتب لهم من خير وشر. {يَتَوَفَّوْنَهُمْ} أي: يتوفون أزواجهم. {قالُوا ضَلُّوا عَنّا} غابوا عن أعيننا فلا نراهم، وقد رأوهم في موقف العرض؛ لقوله: {وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ} الآية (١). {اُدْخُلُوا فِي أُمَمٍ} أي: مع أمم، أو في زمرة أمم. {اِدّارَكُوا فِيها} أي: تداركوا {قالَتْ أُخْراهُمْ} التي دخلت أخيرا {لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا} يعني: الأكابر والسادات من المشركين، كانوا يدعونهم إلى الضلال فيتبعونهم، ولو آمن الرؤساء لآمن هؤلاء الأتباع. {لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ} أي: لا تفتح لدعائهم، أو لا تفتح لأعمالهم التي تصعد بها الحفظة و {الْجَمَلُ} هو الحيوان المعروف، وقيل: {سَمِّ الْخِياطِ}: ثقب الإبرة، والمراد إبعاد فتح السماء لهم. وقوله: {أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ} خبر عن {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ}. وقوله: {لا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها} جملة معترضة بين المبتدأ والخبر، ووجه اعتراضها أنه يقول: لا يظن في قول الذين آمنوا وعملوا الصالحات استغراق جميع الأوقات في العمل، بل المراد في حق كل مكلف ما يليق به.

{هَدانا لِهذا} أي: لعمل حصل منه هذا. {أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} يريد المنازل المخصوصة، فإنها تترتب على الأعمال؛ لقوله: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمّا عَمِلُوا} (٢) وأما دخول الجنة فإنه بفضل الله وبرحمته، وقال عن المؤمنين: {قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا} وفي حق الكفار:

{فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ} فإن الكفار يتألمون بنعيم المؤمنين، كما يتألمون بألم أنفسهم.

{الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥) وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلاًّ بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ (٤٦) وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظّالِمِينَ (٤٧)} {وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً}


(١) سورة النحل، الآية (٨٦).
(٢) سورة الأحقاف، الآية (١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>