ومن طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن: «أنه سئل كيف استوى على العرش؟ فقال: الاستواء غير مجهول والكيف غير معقول وعلى الله الرسالة وعلى رسوله البلاغ وعلينا التسليم». وأخرج البيهقي بسند جيد عن الأوزاعي قال: «كنا والتابعون متوافرون نقول: إن الله على عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته». وأخرج الثعلبي من وجه آخر عن الأوزاعي: «أنه سئل عن قوله - تعالى: ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ فقال: هو كما وصف نفسه». وأخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب قال: «كنا عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى كيف استوى؟ فأطرق مالك فأخذته الرحضاء ثم رفع رأسه فقال: الرحمن على العرش استوى كما وصف به نفسه ولا يقال: كيف وكيف عنه مرفوع وما أراك إلا صاحب بدعة أخرجوه». نقول: والمذهب الصحيح في جميع ذلك: الاقتصار على ما ورد به التوقيف دون التكييف وإلى هذا ذهب المتقدمون ومن تبعهم من المتأخرين وقالوا: الاستواء على العرش قد نطق به الكتاب في غير آية ووردت به الأخبار الصحيحة وقبوله من جهة التوقيف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية له غير جائز، وهذا هو مذهب السلف الصالح وما عليه أئمة المسلمين من الأئمة الأربعة والثوري والأوزاعي وغيرهم من أئمة المسلمين: وهو إمرار هذا الآية في الاستواء وما شاكلها من آيات الصفات كما أتت دون تمثيل ولا تشبيه ولا تعطيل ولا تكييف. وينظر في ذلك: الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي (١/ ١١٥)، تفسير ابن كثير (٢/ ٢٢٠)، تفسير القرطبي (٧/ ٢١٩)، شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (ص: ٢٠٠)، فتح الباري لابن حجر (١٣/ ٤٠٥ - ٤٠٧). (١) هذا صدر بيت للأخطل وعجزه: من غير سيف ودم مهراق وليس في ديوانه، ينظر في: البحر المحيط لأبي حيان (١/ ١٣٤)، تاج العروس للزبيدي (سوا)، تفسير القرطبي (١/ ١٧٦)، الدر المصون للسمين الحلبي (١/ ١٧٢)، رصف المباني للمالقي (ص: ٣٧٢)، لسان العرب (سوا)، النكت والعيون للماوردي (٢/ ٣٢).