للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ} يجوز أن تكون الباء للحال؛ كقوله: خذ هذا الفرس بسرجه ولجامه. ويجوز أن تكون الباء للتعدية، أي: أحضر البينة إن كنت جئت بآية. {فَأْتِ بِها} ليس تكرارا، بل معناه: إن كنت مدعيا مجيئك بالآية فأظهر ما ادعيت مجيئك به، وقوله:

{إِنْ كُنْتَ} من باب دخول الشرط على الشرط؛ كقوله: {إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كانَ اللهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (١) وكقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها} (٢) وكقول الرجل لزوجته: أنت طالق إن ركبت إن لبست، فإن ركبت ثم لبست لم تطلق، وإن لبست ثم ركبت طلقت على الصحيح من المذهب خلافا للإمام أبي المعالي (٣)، فإنه أوقع الطلاق في الحالتين (٤).

ذكر هاهنا أنها ثعبان وفي موضع {فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ} (٥) وفي موضع {تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ} (٦) يسأل عن وجه الجميع، وجوابه من وجهين: أحدهما: أنها كانت كبيرة الجثة كالثعبان وخفيفة في الحركة كالجان والحية. والثاني: أن كل موضع ذكر فيه الجان والحية فهو في عود العصا كذلك بين يدي الله عز وجل في حال مخاطبة موسى لربه في الطور، وكل موضع ذكر فيه الثعبان المراد به بين يدي فرعون حين طلب السحرة بلقف عصاه حيتهم، والجان والحية: الصغير من هذا النوع، والثعبان الكبير منه.


= لأبي حيان (٤/ ٣٥٥)، الحجة لابن خالويه (ص: ١٥٩)، الحجة لأبي زرعة (ص: ٢٨٩)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٣١٣)، السبعة (ص: ٢٨٧)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٧٩)، النشر لابن الجزري (٢/ ٢٧٠).
(١) سورة هود، الآية (٣٤).
(٢) سورة الأحزاب، الآية (٥٠).
(٣) هو الإمام الكبير إمام الحرمين أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني ثم النيسابوري الشافعي صاحب التصانيف. كان إمام الأئمة على الإطلاق مجمعا على إمامته شرقا وغربا. توفي سنة ثمان وسبعين وأربعمائة، ومن مصنفاته: كتاب نهاية المطلب في المذهب، والإرشاد في أصول الدين، والرسالة النظامية في الأحكام الإسلامية، والشامل في أصول الدين، والبرهان في أصول الفقه وغيرها. تنظر ترجمته في: سير أعلام النبلاء للذهبي (١٨/ ٤٦٨).
(٤) ينظر في ذلك: المغني لابن قدامة (٨/ ٣٥٣)، مغني المحتاج للشربيني (٣/ ٣١٣)، المهذب للشيرازي (٣/ ٣١).
(٥) سورة طه، الآية (٢٠).
(٦) سورة النمل، الآية (١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>