للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ (١٠٧) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ (١٠٨) قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ (١٠٩) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَماذا تَأْمُرُونَ (١١٠) قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١) يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢) وَجاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً إِنْ كُنّا نَحْنُ الْغالِبِينَ (١١٣) قالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (١١٤)}

وقرئ {فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ} (١) وهذا يدل على أمرين:

أحدهما: أن (إذا) التي للمفاجأة ظرف مكان حتى يصح كونه خبرا عن {هِيَ} فإنها جثة، وظرف الزمان لا يكون خبرا عن الجثث.

والثاني: صحة قول الكسائي (٢): كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو إياها (٣). {وَنَزَعَ يَدَهُ} أي: من درعه. وقوله: {بَيْضاءُ لِلنّاظِرِينَ} وهي بيضاء لمن نظر، ولمن لم ينظر. لكن يريد بذلك أنها خرجت بيضاء بياضا يستوقف الناظرين للتعجب منه، وهو بياض شديد له شعاع، والظاهر أن الملأ عرفوا أن هذا ليس من صنع البشر، وأنه صنع الله الذي أتقن كل شيء، ولهذا قالوا: {يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ} فهل سمعوا قط أن ساحرا أخذ مملكة من صاحبها وأخرج ملك المملكة من مملكته؟


(١) قال مكي بن أبي طالب في مشكل إعراب القرآن (١/ ٢٩٧): ويجوز نصب "ثعبان" على الحال.
(٢) هو علي بن حمزة بن عبد الله الأسدي، الكوفي، أبو الحسن الكسائي، إمام في اللغة والنحو والقراءة يعد إمام الكوفيين في النحو واللغة، وأحد القراء السبعة المشهورين، وكان مؤدب الرشيد وابنه الأمين. قيل عنه: كان أعلم الناس، ضابطا، عالما بالعربية، قارئا صدوقا من تصانيفه: معاني القرآن، القراءات، النوادر، المصادر، الحروف ... وغيرها. مات سنة تسع وثمانين ومائة علي خلاف في سنة موته ١٨٩ هـ‍. تنظر ترجمته في: بغية الوعاة للسيوطي (٢/ ١٦٢ - ١٦٤)، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (١١/ ٤٠٣).
(٣) وهذه مسألة نحوية مشهورة تعارف النحاة على تسميتها بالمسألة الزنبورية، لورود لفظة الزنبور فيها، ومجمل المسألة: أن الكسائي يجيز نصب الضمير في (فإذا هو إياها) وعامل النصب عنده ما في معنى (إذا) من المفاجأة، علي حين لا يجيزه سيبويه، وقد دبر الكسائي مكيدة لسيبويه واحتج ببعض العرب الذين اتفقوا معه على الكيد لسيبويه عند الخليفة هارون الرشيد فقالوا: القول ما قال الكسائي، فرجع سيبويه مغتما فمرض في طريق ولم يكمله، بل مات كمدا. تنظر في: الإنصاف لابن الأنباري (٢/ ٢٠٩)، اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري (١/ ٤٩٧)، المغني لابن هشام (١/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>