للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المؤمنين وجزاء الكافرين فآمنوا عن عيان، وصمموا على الثبوت حتى أجابوا فرعون حين قال: {لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ}. {قالُوا إِنّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (١٢٥) وَما تَنْقِمُ} أي: ما تعيب وتكره منا إلا الإيمان، وهو شيء لا يكره، وهو كقوله:

{وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} (١) {وَما نَقَمُوا إِلاّ أَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} (٢) {هَلْ تَنْقِمُونَ مِنّا إِلاّ أَنْ آمَنّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ} (٣) وكقول الشاعر [من الطويل]:

ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم ... بهنّ فلول من قراع الكتائب (٤)

وفلول السيف من قراع الكتائب ليس عيبا فيهم، وفي قوله: {لَمّا جاءَتْنا} إشارة إلى سرعة انقيادهم، وسجودهم لله عند مجيء الآية لم يبطئوا ولم يتلعثموا.

{أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً} اصببه علينا حتى يكون كثيرا شاملا لأجسادنا. {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} قيل: كان لفرعون آلهة يأمر الناس بعبادتها ويقول: أنا ربكم الأعلى وإله الآلهة، وقرئ {وَآلِهَتَكَ} (٥) أي: وعبادتك {قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ} شكوا ذلك إلى موسى، فقال لهم موسى: {اِسْتَعِينُوا بِاللهِ} الآية. و {وَالْعاقِبَةُ} الحسنى {لِلْمُتَّقِينَ}.

{قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا قالَ عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (١٢٩) وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (١٣١) وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢)} {فَأَرْسَلْنا}


(١) سورة البروج، الآية (٨).
(٢) سورة التوبة، الآية (٧٤).
(٣) سورة المائدة، الآية (٥٩).
(٤) تقدم تخريجه في تفسير سورة المائدة، الآية (٥٩).
(٥) قرأ بها علي وابن عباس والضحاك وأبو رجاء والجحدري.
تنظر في: البحر المحيط لأبي حيان (٤/ ٣٦٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٣/ ٣٢٥)، فتح القدير للشوكاني (٢/ ٢٣٥)، الكشاف للزمخشري (٢/ ٨٣)، المحتسب لابن جني (١/ ٢٥٦)، مختصر الشواذ لابن خالويه (ص: ٤٥)، معاني القرآن للفراء (١/ ٣٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>